كتبتها : أحلام مصطفي
عندما تبدأ الفتاة حياتها كزوجة تدخل في مرحلة من التأقلم تستغرق بعض الوقت مهما كانت جهوزيتها وتحضيرها النفسي والمعرفي، تظل الخبرة مختلفة تماماً.كثيرات لا تستوعبن أو تتقبلن بسهولة دورهن الجديد، وربما قضين جزءًا من حياتهن في مقاومته ومحاولة البقاء خارج دائرة "ربّات البيوت" ليس أنفةً من هذا المسمى ولكن ربما من الدائرة الضيقة التي قد يقعن في حدودها.
في البدء كنت أنا أيضاً أحاول ذلك، أحاول الحفاظ على شيء من النشاط العقلي والذهني بمستوى كسابقه قبل الزواج ولكن بعد أن أنجبت أصبح الأمر يفوق الطاقة والمستطاع، وأدركت أن القضية لم تعد تتعلق ببساطة برغبتي في الإحساس بالرضى عن النفس..
الآن لن أقول بأنني تخليت عن الخطط التي وضعتها ولا عن طريقة الحياة التي أعددت لها ولا سأتوقف عن السعي للإبقاء على النشاط الذهني والمعرفي، ولكن أصبح لدي فهم لحدود كل ذلك في ظل المسؤولية التي اخترت تحملها طوعاً عندما قررت أن أتزوج وأنجب.
سأعترف أن روتين العمل اليومي في المنزل الذي تشكل بعد عامين من الدخول في هذه المرحلة أصبح يجلب قدراً من الراحة والرضى عن النفس، روتين لا يحول البيت إلى فندق خمس نجوم فمازلت اللعب متناثرة في كل مكان والأوراق والكتب في الغرف ولكن الأولوية هي لنظافة الأرضيات التي تشهد غالبية أنشطة طفلتي وخلو البيت من الغبار والتراب الذي تنعم علينا به أجواء القاهرة الطاردة للأمهات.
روتين لا يتعدى ساعتين أو ثلاث ربما ثم أقضي بقية يومي في أعمال أخرى من الاهتمام بالكائن المسمى طفلة تجاوزاً وإعداد الطعام وبعض المهام الأخرى.
إحساس بأنك توفر بيئة لا بأس بها لمن أنت مسؤول عنهم إحساس جيد يمنحك بعض الرضى، ويدفعك إلى التفكير في الإنجاز في ميادين أخرى. بينما إهمال هذا الجانب أو ربما التقصير يسبب في كثير من الأحيان شعوراً بالفشل نوعاً ما يحجبك عن أن تبحث عن الإنجاز في مكان آخر إلا بشق الأنفس.
كل القضية في تعريف المرأة لدورها وتقديرها لأهمية هذا الدور في كل مرحلة من مراحل حياتها..أعي أنني لن أعيش في هذه المرحلة طول سنين عمري وتقبلت أنها فترة لا بد من التعامل معها وأنني لا ينبغي أن أظلم معي أفراد أسرتي فقط لأنني لم أتوقع هذا القدر من الانشغال. الآن بات من المتاح لي أن أقرأ صفحات من كتاب أو أن أتأمل قليلاً كما أفعل الآن أو أن أجري بحثاً حول موضوع ما.. الأمر الذي كان صعب التحقق قبل بضعة أشهر..
أعتقد أن هذه الحال تنطبق على الرجال كما النساء.. كثيرون أيضاً يضعون حياتهم في موضع السكون لأنهم مطالبون بتحمل مسؤولية عائلة وتوفير ما تتطلبه من موارد.. ليس بالأمر السهل أن تضع رأسك على الوسادة وأنت تعرف أن هناك من ينام فقط لأنه يعلم أنك ستؤمن له كل ما يحتاج.
أحاول من خلال هذه التأملات وغيرها أن أستوعب شيئاً فشيئاً ماأمر به، وأفكّر بقلمٍ مقروء علّي أتحدث بصوت إحداهن أو أساعد أحدهم على فهم شيءٍ جديد عن زوجته فيسهل عليه فهمها وتقديرها. أرجو أن يكون لها طيب الأثر على فتياتنا بالدرجة الأولى وعلى أسرنا عى المدى الطويل.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق