بقلم : أحلام مصطفي
قد يكون هذا
العنوان صادماً ربما كبداية للحديث ولكنه حقيقة واقعة موجودة لا ينبغي علينا
تجاهلها أو التعامل معها وكأنها "حرام" أو "عيب" في شخصية
الأم أو الطفل. في الحقيقة لا يولد الطفل وهو يحب أمه وأباه، ولكنه يتعلم حبهم
ويتعلم احترامهم ويتعلم أن يحمل لهم من المشاعر ما يعلمونه هم.
الحب تريبة كما
كل شيء آخر، وطريقة الحب أيضاً وأساليب التعبير عنه تكتسب اكتساباً وتظل مع المرء
طوال حياته، لا أقول بأن هناك حباً واحداً وطريقة واحدة فقط للحب، ولكن الطريقة
التي ستحب ابنك بها وتعبر عن حبك له ستؤثر في رؤيته هو للحب ولطريقة التعبير عنه.
هناك من الأهل من يعبر عن الحبّ بالخوف والحرص وزيادة الرقابة، وهناك من يحب
بإطلاق الحرية وإعطاء المساحة، وهناك من يحب بالمشاركة وهناك من يحب بتقديم الماديات
وهناك من يحب بالحرمان منها، هناك من يحب باللطف وهناك من يحب بالقسوة. كثيراً ما
شهدت معارك بين آباء وبناتهم وعلاقات متوترة سببها حرص الأب الزائد أو منعه للفتاة
من الكثير من الأمور فإذا تزوجت وجدت والدها لا يقوى على وداعها، يذرف الدمع على
باب بيته لا يريد تركه حتى لا تغادره ابنته.
الفيصل في الأمر
هو أن تكون واعياً قدر المستطاع لطريقة حبك لأبنائك وطريقة تعبيرك عن حبّك والصورة
التي تريدهم أن يكونوا عليها عندما يكبرون، نعم لا يمكننا أن نتحكم بشخصيات
أبنائنا 100% ولكن علينا أن نحاول تقديم ما نستطيع حتى لا نبخسهم حقهم.
الجزء الثاني من
عبارتي يتعلق بحب الأم لابنها أو ابنتها. يفترض الجميع أن كلّ الأمهات يستقبلن
أطفالهم بالبكاء ثم عاطفة من الحب جياشة لا حدود لها تبدأ منذ الولادة وتنتهي بانتهاء
العمر، والواقع مخالف لذلك تماماً، من الطبيعي جداً أن تجد من الأمهات من تستغرق
وقتاً حتى تعتاد على وجود الطفل الجديد في حياتها، وتحتاج أن يترك لها المجال
للتعرف على هذا الطفل ولتتعلق به وتحس بأن بينها وبينه رابطاً.
وهذا الأمر طبيعي
جداً ويناقش بجدية في المجتمعات الأخرى ولكننا هنا للأسف إذا سمعنا أماً تقول
بأنها لم تبدأ بالإحساس بعاطفة الأمومة ناحية طفلها حتى الأسبوع الأول أو الشهر
الرابع أو العام الثاني من حياته لربما اتهمت بالشر والقسوة ومعاندة الفطرة!
والفطرة ليست في العاطفة وإنما في القدرة على الاهتمام بهذا الطفل ورعياته وإدراك
حاجاته قبل أن يحس بها آخرون، أما أمور القلب فهي شيء آخر. وأشك أن كثيراً منكم
يعرف ما هو اكتئاب ما بعد الولادة، فإن كنت لا تعرف فابحث عنه ستتعلم الكثير.
لا أحاول من خلال
حديثي هذا أن أغير صورة الأم المقدسة في أذهان البشر ولكن أن أخبرهم بأن الأمهات
يتحملن الكثير في شهور الولادة الأولى على المستويين النفسي والجسدي، وتعتريهن
الكثير من الأحاسيس والضغوطات حتى يصلن إلى مرحلة لا يجدن فيها وقتاً لاستيعاب تلك
الأحاسيس أو فهمها، لذلك ارحموهن قليلاً من كثرة التحليلات والتعليمات وقدموا يد العون
بدلاً من كل ذلك، لا تحاولوا التدخل في طريقة تربية أطفالها أو رعايتهم لأن هذا
الطفل هو محور حياتها الآن وأي إحساس بأن من هم حولها لا يرون أنها أهل لرعايته أو
ينتقدونها في كل صغيرة وكبيرة قد يؤثر على مشاعرها تجاه نفسها وطفلها ودورها كأم.
احملوا عنها كل الأمور الأخرى التي لا تجد لها وقتاً وخففوا زياراتكم الفضولية حتى
تتمكن من استرداد عافيتها واستقرارها النفسي.. ليست القضية تحصيل حاصل ولا دوراً
بيولوجياً بل مسؤولية عظيمة وخطباً جلل وإلّا لما كتب الله لهن ذلك الأجر وأمر
بتقديرهن ذلك التقدير.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق