بقلم: أحلام مصطفى
قد يعتقد البعض أنني أستخدم هنا كلمة "مصيبة" كنوع من الجناس اللغوي، مصيبة بمعنى محقّة بينما القارئ سيفهمها مصيبة بمعنى مصيبة!، كنوع من "خفّة الدم". ولكن للأسف سأخيب أملكم وأعترف وأقرّ أنني أعني المصيبة التي نعرفها.. "المصيبة السودة يعني" وليست أية مصيبة.
في الفترة الماضية مرّت عليّ أعداد هائلة من مقولات و"عادات" ومعتقدات تتعلق بمكان المرأة من المجتمع، ودورها فيه وتعريفها حتى!، حتى أوضح لكم أكثر فقد سمعت بالحرف الواحد أن المرأة ليست امرأة وأنها تبقى بلا طعم ولا لون ولا رائحة حتى تتزوج و"تنستر في بيت عدلها!"، وأنه لا قيمة لكل ما تفعله في الحياة مهما كبر أو صغر "لو ماخلفتش عيّل يقولها يا ماما!".. وأن وظيفتها الوحيدة في الحياة التي خلقت من أجلها هي "الخلفة"، والرجّاء التركيز جيداً، "خدو بالكم يعني، الخلفة وليس التربية، لأ نخلف ونرمي في الشارع مش مشكلة"، أضف إلى ذلك وجود نوع من القناعة حتى عند النساء أنفسهن أن المرأة لا تفكّر، أو لنقل "مش شغلها" التفكير، ولا الفهم، ولا الإدراك، ولا التعلم، إلا بالقدر المطلوب والقدر المطلوب عرفاً الآن هو الشهادة الجامعية، وسابقاً كان الثانوية، و الأسبق من ذلك كان القراءة والكتابة، وقبله وقبله الطبيخ والغسيل.
وطبعاً لا يخفى على أحد أن المرأة هي مصدر كل الفتن والشرور في العالم، ولو كانت النساء مستورات وقابعات في البيوت "كان زمان الحال غير الحال"، مع العلم أن تعريف الحال الأولى والحال الثانية غير محدد!!! ما هو الحال الذي سيكون غير الحال؟؟؟ وكيف سيتغير الحال الأول عن الحال الثاني، "ماحدش عارف" المهم أن المرأة هي سبب الفساد في الأرض. أود التأكيد مجدداً أن نسبة كبيرة من النساء مقتنعة بهذه "النظرية" أيضاً.
"النسوان" يا سادة أدنى مكانة وصفات ومميزات عن الرجال، "كمان ماحدش عارف ليه، هو كده"، ويقال بأن هذا من المفاهيم الإسلامية، و"النسوان" يا سادة همّ وعبء يتحمله الأب، وكثرتهن عيب، وقلتهن رحمة، وزواجهن فرج، وعزوبيتهن (والتي تعرف أيضاً بالعنوسة) نقمة. لن أدخل في تفاصيل هذه الأفكار أو التصورات الآن أنا أعرضها فقط، ولا يتبادر إلى ذهن أحدكم أو إحداكن أن يقول بأن هذا الكلام قد عفى عليه الزّمن وأن الحال تغيّر، لم يحدث ذلك بعد.
"طيب، نخف شوية"، في أحسن الأحوال، وحتى في العائلات التي لا توجد فيها مثل هذه الأحاديث، فالمرأة غالباً لا علم لها إلا بتوافه الأمور، توافه في الأهمية وليس توافه في الكميّة، وغالباً ما ينصب اهتمامها على الاهتمام بنفسها "عشان حدّ يبصلها"، وتعيش على هذه الحال إلى أن يشاء الله و"حدّ يبصلها"، ولما "حدّ يبصلها" فإن معايير قبول "البصّة" في الأغلب الأعم "أعبط" من معايير انتظارها، بمعنى آخر "كلّه سلطة والحياة حتمشي".
ثم تتحول تلك المرأة إلى أم بيولوجية لمجموعة من الكائنات البشرية، بلا طعم ولا لون ولا رائحة...لأن الأم التي "خلفتهم" هي أيضاً بلا طعم ولا لون ولا رائحة...
أعلم أن التوقع يدفع إلى الاعتقاد بأن هذا الحديث سيدور حول الشكوى النسائية المعتادة، تتهم المجتمع بأنه لم يوفِ المرأة حقّها - وهو لم يفعل - ، ولكن ليس حول هذا سأتحدث، بل حول النساء اللواتي يوظفن طاقاتهن وأفضل مهاراتهن العقلية والاجتماعية حتى تقنع إحداهن زوجها بأن يشتري لها ذلك العقد، أو تلك السيّارة، بينما لا تبذل ربع ذلك المجهود في "تربية خلفتها".
لا أدافع عن دور المجتمع، ولا أهاجم دور المرأة، ولا أهمّش دور الرّجل، ولا ضد الزواج، ولا مع المرأة المهووسة بحب الظهور وإثبات الذات والذي غالباً ما يكون نتيجة لإحساس بالنقص!
ولكن أريد أن أعرف أين نساء هذه الأمة!
المرأة بحالتها هذه في عالمنا العربي "مصيبة!"، أن تتربى أجيال وأجيال على هذه الصورة بلا طعم ولا لون ولا رائحة "مصيبة!"، سلسلة ممتدة المصائب آن لها أن تنقطع.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق