الصفحات

الخميس، 17 يوليو 2014

التربية أهم من الطبيخ!

بقلم: أحلام مصطفى 

لسبب ما في مجتمعاتنا لا تؤخذ وظيفة الأم بجدية لا من قبل المجتمع ولا من قبل الأمهات أنفسهن. كثيراً ما تجد الأم تتعامل مع ابنها على أنه كيان بيولوجي ولو تعاملت مع جانبه النفسي فإنه تعامل بدائي إما أن يلغي كل خصوصياته وحاجاته النفسية، أو أن يبالغ في تقديرها لدرجة تجعل هذا الفرد عاجزاً عن التعامل مع الواقع والعالم من حوله. ولعل هذا السلوك نابع من نظرة مجتمعية عامة لوظيفة الأمومة وفكرة التربية، ينظر إلى الموضوع من خلالها على أنها تحصيل حاصل، وتحصر في تلبية الحاجات المادية وإرساء بعض العادات والتقاليد التي استشرت في المجتمع ويقل أن ترى أن الأم والأب يتبنيان رؤية واضحة أو لديهما تصور محدد للطريقة التي يربيان بها الأبناء، ويترك الأمر للاجتهاد والتحزير.

ليس الأمر في القدرة على خلق أطفال مثاليين أو في افتراض أن تربيتنا لأبنائنا ستعود بمردود يوافق تماماً القيم والمجهودات التي وضعناها، فكثيراً ما تلعب الظروف والصحبة والمجتمع دوراً مخالف لدورنا وتؤثر سلبياً على أبنائنا، ولكن ذلك لا يعني أن نترك تربيتهم لتلك العوامل دون تدخل. 

للأسف فإن المجتمع لا يساعد أبداً في تعزيز أهمية دور الأم تحديداً في التربية، فتجده كثيراً ما يقلل من شأن الأمهات المتفرغات أو ربات البيت كما يسميهن ويعتبر أن تفرغهن للتربية هو "تستيت" و"تنعيم" وليس تكليف وتوظيف، وهذه الصورة تنتقل بالضرورة للأم نفسها التي ترى أنه يكفي جداً أن توفر لأبنائها المأكل والمشرب والثياب وغيرها من الأمور، على علّاتها! فربما تجدها تقدم لهم من الطعام ما يضرهم لا ما ينفعهم، ومن الملبس والحاجيات ما يعزز فيهم القيم السلبية لا الإيجابية فتكون أخفقت على كل الأصعدة. 

قد يسأل سائل فمن أين تعرف الصواب من الخطأ إن كانت تعمل بما ألفت ممن قبلها من أم وجدة وعمة وخالة؟ فلتدرس إذاً! لا أصدق أننا حتى الآن نهتم بدخولنا امتحاناً ما ونحضر له ، ثم نأتي في أكبر اختبارات حياتنا لندخلها دون جاهزية سواءً في مرحلة الزواج أو من بعدها الإنجاب والتربية!! فأقل القليل أن تقرأ المرأة وتدرس في كيفية التحضير للحمل، ثم الرضاع ثم التربية كل مرحلة بما هو ملائم لها من عادات وسلوكيات حتى تكون أدت جزءاً مما هو مطلوب منها.

ثم على المجتمع أن يحترم مهمتها هذه ولا يقلل من شأن قراراتها أو طريقة تربيتها حتى لا تفقد تأثيرها في أبنائها وويتحول وجودها إلى وجود شرفي، كثيراً ما أرى من الناس من يهين الأم أمام أبنائها الصغار أو يستخف برأيها أو يعاند قرارها فيشعر الأطفال بأنهم ليسوا مطالبين بالاستجابة لها هم أيضاً وتتحول الحياة إلى صراعات دائمة على السلطة في البيت، من صحب القرار! وكأن التربية وجهة نظر وليست سعياً نحو غرس قيم وتقويم سلوكيات.

لا أريد أن أطيل الحديث حتى لا أثقل على أصحاب الشأن، ولكن المفاهيم المغلوطة للتربية فالبعض يرى فيها التسلط الأعمى، والبعض يرى فيها التدليل والتنعيم، والبعض يرى فيها الفصل بين المربِّي والمربَّ، والبعض لا يراها من الأصل.. كل هذه المفاهين لن تصحح إلا بالمعرفة ومحو أمية التربية في مجتعاتنا، حتى لا ننتهي بأفراد مفاهيمهم مغلوط على كل المستويات يسيؤون إلى أنفسهم وإلى الآخرين ويسقطون في نفس الدائرة التي نحاول جميعنا الخروج منها.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق