الصفحات

الخميس، 7 أغسطس 2014

المرأة مصيبة / 2

بقلم : أحلام مصطفى 


لنَعُد بمشكلة المرأة إلى البداية، عندما بدأت عملية تكوين الوسط الذي فيه سوف توجد هذه المرأة وتتشكّل. "واحد عايز يتجوز" وأخرى "حتموت وتلبس فستان فرح"، هكذا هو الحال، أسرة قائمة بالدرجة الأولى على رغبات أنانية تعتمد بالدرجة الأولى على استغلال الطرف الآخر لتحقيق نوع من الرضا عن الذّات، وليس في ذلك مشكلة لو أن نتائج خياراتهم هذه لن تؤثر على كائنات بشرية أخرى مستقبلاً، ولكن "مادام حتتشطروا وتخلفوا عيال تتفشخروا بيهم وتلعبوا عليهم" فمن باب أولى أن تمنع نسبة كبيرة من الزواج. 


قد يسأل سائل: "طب ما هو دول برضه ضحية تربية"، ونقع في جدال "الفرخة أول ولا البيضة". ليست القضية، يجب أن نبدأ من مكان ما ولنبدأ من هنا مثلاً.


كثيرة هي الأحيان التي أسمع فيها أقوالاً تفسر عملية الزواج في المجتمع، البعض يعتبرها حفاظ على النفس من الفتن، والبعض الآخر يرى فيها سُترة للبنت، وآخرون يرون فيها صفقة رابحة لأهل العروس أو العريس، وهي في أغلب الأحيان تطور طبيعي للأحداث التالية: "اتولد، دخل المدرسة، ثم الجامعة، اشتغل، حوش قرشين، اتجوز" وهكذا دواليك.


لكن قليلاً جداً ما نجد من يفكر في الزواج لا كنهاية أو خطوة أخيرة في الحياة، بل كمحطة وبداية لجزء من الحياة لم نعهده، لا كشيء أفعله لأنه سيعود علي بكذا وكذا، بل كإمكانية لأتحول إلى إنسان ذي قيمة في حياة أحدهم، لا كتطور طبيعي للأحداث، بل كاختيار أقوم بالإقدام عليه بأفضل صورة ممكنة وأتقنه، "مش طينة حخبطها يا تلزق يا ماتلزقش".


المشكلة الكبيرة أن الناس في أغلب الأحيان لا تبذل حتى الحدّ الأدنى من المجهود المطلوب للزواج! "يعني وحدة أو واحد حيعيشوا ما بقي من حياتهم!!! يتجوزا إزاي دول عالعمياني!!!".
 وليس المقصود أنهم قد لا يعرفون بعضهم البعض، بالعكس كثيراً ما يمضي "الزوجان" سنين قبل الزواج "عايشين الدور و ما يعديش شهرين تلاقيه إتجوز عليها"، لماذا؟ لأنه ببساطة لم يعرفها، ولم يحبها ولم يتزوجها لأنه يريدها زوجة له وشريكة في حياته و"نص الفولة" الآخر، بل لمجرد أنه أحب "الجو اللي كان عايش فيه" واعتاد الراحة التي تقدمها له علاقة طويلة الأمد، واعتقد لغباءٍ منه أن ما يهم في الأمر بالدرجة الأولى أنه يحس بالانجذاب لها، "مش هو ده الحبّ؟؟، لأ يا خويّ مش هو!!" . بعد فترة قليلة جداً من إرضاء تلك الرغبات، سوف يختفي ذلك الانجذاب لأنه كان مبيناً على عملية بيولوجية "والله!"، مش "فييلينجز يعني"، وتستمر الحياة إما في الوهم أو بحكم التعود أو بحكم البلادة، وقد لا يبقى من تلك المرأة أو ذلك الرجل سوى خيالات تعيش مع بعضها حتى تستمر الحياة. ليس بينهما أي مشاركة وجدانية أو روحية من أي نوع في أسوأ الأحوال، وطبعاً استفحال هذه الحالة يختلف من بيت إلى آخر ولكنه موجود بصورة أو بأخرى في معظمها.


وليس القصد كما قد يعتقد البعض! أن يكون كل زواج قصة حب "من اللي بتطلع في الأفلام"، لكن على الأقل أن يكون هناك نسبة تحقق بـ 80% للتوافق والقبول والألفة التي ستكون عوناً فيما بعد في الأزمات والملمّات – عافانا الله وإياكم – والتي ستجعل من هذا البيت بيئة صحيّة لتربية أجيال قادمة، على شرط أن يكون هذان الشخصان أصلاً مؤهلين لهذا النوع من المسؤولية... وإلا فالأمر أشبه بأن تجد "قربة مخرومة القربة المخرومة المشابهة لها!".


أؤمن بشدّة أن النية في هذا الموضوع – الزواج – لها كبير الأثر فيما قد يتحصل عليه الإنسان، بالطبع كلّ شيء بقدر الله، ولكننا أمرنا بالأخذ بالأسباب، "يعني ما ينفعش اتنين يتجوزا جواز نفعي بحت وبعدين يعترضوا هما الاتنين لأن الحياة قرف ومش حاسين إنهم متجوزين"، النفعية التي من أجلها تم الزواج تحصّلا عليها، وغير ذلك لم يتحقق لأنه "ماكانش في الحسبة".


النية التي تتوجه إلى الله بأن "ربنا هب لنا من أزواجنا وذرياتنا قرة أعين واجعلنا للمتقين إماما" ، واليقين بأنه سبحانه وتعالى يدبّر الأمر، والتوكل عليه مع الأخذ بالأسباب، والفهم القاصر للأخذ بالأسباب الذي غالباً ما يُفهم على أنه في آلية اختيار الزوج أو الزوجة يرفع عن النفس مسؤوليتها، الأخذ بالأسباب بأن " يشتغل الواحد على نفسه ويتعلم ويتحمل المسؤولية ويكبر فكرياً وأخلاقياً"، هذا جزء من الأخذ بالأسباب أيضاً.

أعتقد أن الموضوع بحاجة إلى بعض أو ربما الكثير من الوقت حتى يأتي جيل تشكل نسبة الأفراد الذين قد تحوّلت طريقة تفكيرهم عن "البهيمية" المعهودة والتي أصبح العالم غارقاً فيها إلى عقلية "الاستخلاف" التي هي الأصل في الوجود البشري، وإدراك أن "إنتاج" الكائنات البشرية ليس مجرد عملية بيولوجية، ولا موازنة مالية، ولا ولد يشيل اسمي... إنها آية من آيات الخلق.


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق