الصفحات

الخميس، 23 أكتوبر 2014

كنت أماً مثالية قبل أن أنجب!

قرأت منذ فترة مقولة لأم معناها: كنت الأم المثالية حتى أنجبت أبنائي الثلاثة.

تختصر هذه الجملة ما أود قوله اليوم ولكن ربما حتى تتضح الفكرة أكثر قليلاً سأستغل هذه الفرصة كنوع من الفضفضة والتفريغ. قبل أن أنجب كنت قد قضيت فترة طويلة من التحضير النفسي والجسدي بطريقة أو بأخرى، حتى قبل أن أتزوج، لست من النوع الذي يعتقد أن الزواج أمر محتوم لكل مرأة ولكنه غالباً ما يحدث وعليه فإنه من الطبيعي أن تحضر المرأة نفسها لتقوم بدورها كأم وزوجه طويلاً قبل أن يحين الوقت، خصوصاً أننا لم نعد كالأجيال الماضية في حالة جسدية وصحية جيدة وطعامنا أسوأ بمراحل وحالتنا النفسية أسوأ وأسوأ.



المهم في الأمر أنني لغباء مني اعتقدت أنني تحصلت على قدر كبير من المعرفة والخبرة مع إخوتي الصغار تؤهلني لأكون في مكان جيد من هذه المهمة، وكنت كثيراً ما أحكم على أمهات وآباء آخرين حتى قبل أن أنجب بطيرقة توحي بأنني ربما كنت لأفعل ما يفعلون بطريقة أفضل.... ثم أنجبنت ابنتي.....


ليس الأمر ببساطة بتلك البساطة... لقد قمت بقراءات وتجارب وتغيير عادات وتغيير سلوكيات وتغيير طريقة حياة بأكملها بعد أن أنجبت أكثر بكثير مما فعلته في كل ما مضى من حياتي ربما. ببساطة أنت لن تعرف معنى أن تكون أباً أو أماً ولا ما تحويه هذه الوظيفة من تفاصيل وتعقيدات إلا إن مررت بها شخصياً، لا يكفي أن تمضي عدة ساعات مع طفل، أو أن تعمل في حضانة أطفال، أو مدرساً لمرحلة مدرسية صغرى حتى تعتقد أنك تجيد التعامل معهم وتتقن التربية بصورة كاملة.


الأمر يختلف عندما يكون هذا الطفل معك وتحت رعايتك وجزءاً من مسؤوليتك طوال اليوم، كل دقيقة وكل ثانية حتى لو لم يكن بين يديك أو مع شخص آخر عقلك يعمل معه ويفكر فيه، وليس هذا هوساً ولكنه طبيعة أن تكون أباً أو أماً مسؤولاً عن طفل مازال غير قادر على تحمل مسؤوليات كثيرة ولا يعرف الكثير عن حقيقة الحياة.

أقول ذلك حتى أصل لهذه النقطة الأخيرة.. عندما تعتقد أنه من حقك أن تقدم نصحاً لأب وأم آخرين خصوصاً إن لم تكن أنت شخصياً قد أنجبت فكّر جيداً قبل أن تحكم عليهم وتقرر أنك ستصحح أخطاءهم.. خصوصاً إن كنت تعرف هؤلاء الأشخاص وتعرف أنهم يبذلون أو يحاولون بذل أفضل ما عندهم من أجل ذلك الطفل، وتعرف أن الخطأ الذي تحاول أن تلومهم عليهم أو تضع تحته 20 خطاً ليس بتلك الأهمية أو ليس خطاً ولكن مجرد اختلاف في وجهات النظر وطرق التربية. فكّر جيداً قبل أن تتدخل في شؤون تلك العائلة وتعكس أفكارك الخاصة وطريقة تفكيرك وما تخطط له أنت مع أبنائك. فكّر جيداً هل سيكون لتلك النصيحة أثر إيجابي أم لا، أم أنك فقط تحاول إثبات نفسك، فكّر جيداً وتذكر أن هذا الطفل سيعيش مع أبويه وليس معك وسيكون عليهما التعامل معه لبقية حياته وليس أنت، وسيشكلون معاً عائلة لها خصوصياتها وأطباعها الخاصة.. فكّر جيداً قبل أن تتقدم بنصيحتك وإن كان ولا بد فافعل ذلك دون أن تدفعهم إلى الإحساس بأنهما والدان سيئان وفاشلان وأنك المنقذ الذي سيحافظ على حياة ذلك الطفل.

هناك تعليقان (2):