بقلم : أحلام مصطفى
كما قال عمّنا جورج وسوف: "كلام الناس لا بيقدم ولا يأخر.. كلام الناس ملامة وغيرة مش أكتر، أو يمكن أكتر بس في المحصلة مالوش تأثير".
كما قال عمّنا جورج وسوف: "كلام الناس لا بيقدم ولا يأخر.. كلام الناس ملامة وغيرة مش أكتر، أو يمكن أكتر بس في المحصلة مالوش تأثير".
بداية تعرفي على فكرة "كلام الناس"، في الحقيقة كانت تقريباً في المرحلة الابتدئية، عندما كنت تجد ذلك النوع من الفتيات اللواتي تستغرب من أين جئن بهذا الخبث وهذا الشر في مثل تلك السن! تجد الفتاة تسخر من زميلتها بسبب زيها أو لون شعرها أو شكلها أو حقيبتها، وتنعتها بصفات لا تليق مليئة بطبقية مقيتة وانطباعات غريبة لا ينبغي أن توجد لدى طفل في التاسعة أوالعاشرة من العمر. كنت أستغرب بشدة مثل هذا السلوك عند اطفال مثلهم. هذه النوعية من الأحاديث لم أجدها و أعتادها إلا عندما دخلت المدرسة.
لم يكن الكلام عن الطبقات الاجتماعية وارداً في بيتنا بأي صورة، ولا عن ذلك الإطار العام الذي يضع فيه الناس أنفسهم ويصنفون وجودهم حسبه، حسب طريقة لبسهم وطريقة كلامهم وطريقة أكلهم.. "ويطلع فلان بلدي، وفلانة بيئة"، وليس الأمر لأن السلوك في حد ذاته سيء أو فيه شيء من القبح ولكن فقط لأنه لا يتماشى مع صورة الشخصية المتحضرة التي يعتقد البعض أن مواصفاتها هي التي يتبناها.
عندما كبرت قليلاً وجدت أن كلام الناس يمتد إلى ما بعد ذلك بمراحل، فمن لا يعاملك بدونية ينظر إليك بشفقة وكأنك إنسان ناقص، فأنت لست بنفس المستوى من التحضر لذلك يجب عليه هو أن يتحملك! "اللي هو يعني أكسب فيه ثواب وأعطف عليه". وقد يكون ذلك الشخص في قمة الرضى عن النفس وفي منتهى السعادة والارتياح وأنت أيها المتحضر تعيش في كابوس تتبع أسلوب الحياة الذي تعتقد أنه الأفضل وفي دوامة مراعاة المظاهر و"التحرز من كلام الناس".
وصلت إلى قناعة عند وصولي المرحلة الثانوية أنني لا أريد أن أعيش على حساب كلام لناس، ولن أسمح لأحد أن يتحكم في اختياراتي وأسلوب وحياتي وتحديد أولوياتي وفقاً لما يراه هو، ولن أخاف من أن أبدي نفسي كما أشاء فقط حتى أتجنب كلام الناس. لن أدرس التخصص الذي يحبه الناس ويحترمونه، لن أكتب الكلام الذي يعجب الناس، لن أزيف شخصيتي وأمثل كما يريد مني الناس، لن أنافق وأجامل حتى أجد من يودني في حضوري ثم يغتابني في غيابي.. لم أتزوج كما يتزوج الناس، ولن أربي أبنائي كما يرى الناس.. أوزن كل شيء بمقياسين: هل تغضب الله في شيء؟ هل هي في مصحلة أهلي وبيتي؟ فقط. "مش مهم الناس حتقول إيه، اللي عايز يتكلم عنك حيتكلم عنك حتى لو ماعملتش حاجة حيقول فلان ما عملش حاجة النهاردة، أكيد في إن!"
خذوها قاعدة تريح البال وتسعد القلب، الناس سوف يموتون، والكلمات سوف تموت، لن تترك أثراً في نفسك إن لم تسمح لها، نحن لن نعيش إلى الأبد، ولن يبقَ في سجلك ما قاله الناس عنك ولكن ما فعلته أنت لنفسك ولمن كنت مسؤولاً عنهم.
لا تفرط في تربية أبنائك حتى ترضي أصدقاءك وصديقاتك وتكون "ماشي على الخط"، ولا تعامل زوجتك بسوء حتى يقال "راجل حمش وعارف يلم مراته" وأنت في قرارة نفسك تكره ما تفعل. لا تقتنِ ما لا تحب لأن الناس يحبونه، ولا تغير من شخصيتك حتى تحصل على رضاهم فرضاهم لا يأتي أبداً.
لا تفرط في تربية أبنائك حتى ترضي أصدقاءك وصديقاتك وتكون "ماشي على الخط"، ولا تعامل زوجتك بسوء حتى يقال "راجل حمش وعارف يلم مراته" وأنت في قرارة نفسك تكره ما تفعل. لا تقتنِ ما لا تحب لأن الناس يحبونه، ولا تغير من شخصيتك حتى تحصل على رضاهم فرضاهم لا يأتي أبداً.
نحن نخلط كثيراً بين أن نعامل الناس بخلق حسن، وأن ننافق الناس، ونماري الناس، ونبدي خلاف ما نبطن، " وبيبان والله، اللي بيتصنع بيبان عليه، والناس ما بتتقبلش المتصنع اللي بيبالغ إلا لو كانت زيه"، الأشخاص الصادقون الأنقياء الذيت يتعاملون بنقاء لا يشكل لهم فرقاً لطفك من عدمه إن كان سلوكاً مصطنعاً. كذلك الأمر في كل حياتك.. لا تتظاهر بحياة ليس هي ما تريد حتى تنال احترام الناس، سيحترمونك أكثر احتراماً حقيقاً إن احترمت أنت نفسك أولاً ووقف خلف ما تؤمن به بصدق دون خوف أو تردد.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق