بقلم : أحلام مصطفى
أعرف نوعية المقالات التي قد يتوقعها المرء عندما يقرأ عنواناً مثل هذا، ولكن في الحقيقة الكلام لن يتعلق بالرجال، بل بالنساء، ولكن لأن النساء يعرفنه عن ظهر قلب أو على الأقل جزء كبير منهن فسوف نخصص هذه المرة للإخوة الرجال الذين غالباً ما تقيهم أمهاتهم في الظلام لفترة طويلة من حياتهم، ثم تأتي زوجاتهم ويفعلن المثل لأن هذا ما ينبغي، لا يجب على المرأة أن تظهر لزوجها أياً من تفاصيل حياتها الخاصة فيما يتعلق بالحمل والولادة والمرض وإلخ، عليها أن تتعب وتعاني في صمت وإلا رآها زوجها ضعيفة وإلا : ذهب للبحث عن أخرى!
في البداية لنتحدث عن الحمل، طوال تسعة أشهر من الحمل، الأشهر الأولى غالباً ما تتميز برونق خاص، آلام بسيطة في المعدة والظهر، ورغبة في القيء تزداد حتى تصل أعلى درجاتها قبل أن تبدأ بالهبوط مجدداُ، تخيل أنك تعاني تسمماً غذائياً تدوم أعراضه لمدة شهرين أو ثلاثة وفي بعض الحالات تبقى الأعراض طوال التسعة أشهر. لا تستطيع أن تأكل أو تشرب كما تريد، على الرغم من أنك جائع وترغب في ذلك، هناك أيضاً الكآبة والاستفزاز غير المبررين بسبب هرمونات وصلت حدها الأعلى فأصبحت تحس بالضيق دون سبب وتبكي دون أن تتحكم في نفسك، وتفقد القدرة على الاستمتاع حتى بالأمورالتي غالباً ما تفرحك.
ما أن تنتهي هذه المرحلة حتى تدخل في مرحلة حرقة المعدة وارتجاع المريء والإمساك والغازات، نعم كل هذه الأعراض معاً! في الفصل الثاني تبدأ عضلات جسمك بالتمدد وأربطة معدتك تتفسخ حتى تفسح مجالاً للطفل، وجلدك يتضاعف بنفس الطريقة، فيما عظام الحوض تتباعد بشكل ملحوظ ويصبح عمودك الفقري ضعيفاً بسبب تمدد الأربطة فتؤلمك أقل حركة خاطئة لم تكن تلقي لها بالاً سابقاً. وحتى لا ننسى حركة الطفل التي قد تفاجئك في أية لحظة فتضرب المثانة، أو الحجاب الحاجز وتحس بأنك تلقيت ضربة قاضية ولكن من الداخل.
ثم تدخل في المراحل الأخيرة التي تبدأ قواك فيها في النفاذ، وتحتاج إلى دخول الحمام كل نصف ساعة على الأقل لأنه لا مكان في جسمك لأي شيء خلاف ذلك الطفل، ويصبح الضغط من الداخل غير محتمل لدرجة تمنعك من النوم، وتحس بأن حركة قدمه وهو يمدها إلى الخارج تكاد تخترق جلدك فتطبطب عليه في محاول يائسة لدفعه للتوقف عن أداء تمارينه الرياضية هذه. ثم يصبح ظهرك مقوساً باتجاه بطنك بطريقة لم تكن تعرف أنها ممكنة في حين أن حركتك تصبح بطيئة وثقيلة وتحتاج لكل العون اللازم لتغير طريقة جلوسك أو تقف أو تستلقي.
كل ذلك وأنا لم أتحدث عن متطلبات الطعام والشراب والتغذية المطلوبة منك إن أنت قررت أن تربي ابنك أو ابنتك بضمير وتحافظ عليها خاليين من الملونات والمفسدات وغيره من الأطعمة التي تؤخر النمو. وأنت إلى ذلك مطالب بممراسة الرياضة والمشي حتى تساعده في الحصول على الدم اللازم وتساعد نفسك عند الولادة لتحمل مجهود الدفع الذي ستقوم به. أضف إلى ذلك كل واجباتك الأخرى من رعاية زوج وأبناء آخرين وربما وظيفة وواجبات اجتماعية لا تنتهي.
وما أن يحين موعد الولادة التي تنتظرها بفارغ الصبر في الأسابيع الأخيرة حتى تبدأ في تجرع ألم لن يمر عليك في حياتك كلها إلا في هذه اللحظات، وكأن سكيناً تقطع أوصلاك من الداخل، والحقيقة أن ما يحدث هو أن عظام الحوض تتباعد والأربطة حولها تمدد حتى تسمح لطفلك الذي هو بحجم البطيخة من الخروج من فراغ بحجم الليمونة، كل جزء فيك يتعرض لألم لا يضاهيه ألم آخر.. الأمر يتفاوت ولكن المعروف أنه كلما ضاق الحوض أصبحت العملية أصحب وأشد.. وشيئاً فشيئاً يودي بك الألم إلى إحساس بالدوار والغثيان وتفقد قدرتك التحمل حتى تأتي اللحظات التي يحتاجون فيها إلى "قوة دفعك"، فتبحث عنها وتبدأ في الدفع حتى يخرج كل جزء من ذلك الجسد، وتفقد أن أي إحساس بأي شيء وكل ما يهمك هو سلامة ذلك المخلوق وإن كان يتنفس أم لا.. وتغدة ساعات الجحيم تلك ماضياً لا يذكر.
قد يعتقد البعض أنني بالغت في وصف الأمر، ولكن يعلم الله أنني رأفت بكم ولم أحكِ سوى المتوسط من كل شيء، وأنا أعرف أن من النساء من تمر بأضعاف ذلك.. "فياريت بقى المرة الجاية اللي يجيلك فيها زكام تقوم تعمل لنفسك كوباية اللمون وتسيب الغلبانة اللي شايلة بطنها قدامها في حالها عشان ربنا يكرمك دنيا وآخرة ويجعلك من المبروكين، أيوة في ستات بتحب تخدم أزواجها هي حرة بس لو في يوم قالتلك مش قادرة بطل دناءة وماتسمعهاش كلميتن من نوع: الراجل بيتجوز ليه، أو تبصلها بصة ذات مغزى عشان والله مش ناقصاك ساعتها، دي لو مش مراتك ما تعملش معاها كده! ".
والله إنني يصيبني العجب من الرجال الذين يعاملون زوجاتهم بلا رحمة ولا شفقة، ولكن أعتقد أن الأمر يعود بالدرجة الأولى للنموذج الذي خلفه والداه له، ولأمه التي لم تعلمه من أمور النساء شيئاً ولا عودته أن يقدر خدمتها له لا أن يتعامل معها على أنها تحصيل حاصل. فاتقوا الله في نسائكم وضعوا أمام أعينكم كل الألم والأذى الذي يرينه فيما تنعمون بالبنات والبنين وتتفاخرون بالألقاب.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق