"بعد الشر" هو الرد المعتمد على جملة "أنا عايزة أطلق" ، شر هكذا يرى المجتمع الطلاق برغم أنه مخرج آمن أتاحه
الله لزوجين لم يجدا في الزواج المودة والسكينة والرحمة. فرصة ثانية في الحياة
يمكن أن تكون طوق نجاة لاثنين استحالة الحياة بينهما، لكن هذا ما يراه المتحدثون
في برامج الأسرة والمستشارون النفسيون أما في الواقع فكما أن الزواج هو النهاية السعيدة لكل شاب
وفتاة، فالطلاق هو النهاية المآساوية لحياة كل شاب ... لا الحقيقة الطلاق نهاية حياة
كل فتاة، "الراجل في البلد دي ما يعيبوش إلا جيبه".
في مجتمعنا الطلاق عيب، لا
يصح لزوجة تعرف حقوقها الزوجية وتتقي ربها وتصون نفسها وسمعتها وسمعة عائلتها أن
تأتي فعلا مثله أو تفكر فيه، خاصة لو حدث ذلك بعد شهور قليلة من الزواج.
إذا ما حدث واكتشفت الزوجة
في بداية حياتها الزوجية أن الشخص الذي قررت أن يشاركها الحياة به ما يجعل الحياة
معه مستحيلة، فلا يحق لها أن تطلب الطلاق منه، فالتهمة ستلصق بها، سيقال أن بها
عيوب "خلقية أو أخلاقية" جعلت زوجها يطلقها بعد فترة قصيرة من زواجهما،
الطلاق في هذه الحالة يساوي فضيحة مجتمعية لن تتمكن من أن تطل برأسها على المجتمع
مرة أخرى فما بالك بفرصة زواج جديدة.
تصبر عاما وربما عامان،
يكون الله قد أمر بطفل وربما طفلان، وهنا لا يحق لها كزوجة وأم أن تطلب الطلاق من
"أبو عيالها"، يصبح الطلاق مغامرة غير مضمونة العواقب، كيف ستعول
أطفالها وكيف ستجد فرصة جديدة مناسبة وكيف.. وكيف؟
تشتكي حالها فتأتيها دائما
النصيحة: أصلحي من نفسك، وابحثي عن نواقص حياتك وحاولي أن تجددي فيها وسيتغير
الحال إن شاء الله.
تذكر كلمة الطلاق، فلا تجد
سوى شهقة واستعاذة من شر الكلمة الملعونة: "استهدي بالله، واعيدي التفكير وأدعي
الله أن يهديه لك وابعدي عنك وساوس الشيطان".
يرى المجتمع الطلاق
باعتباره كارثة يجب أن تتخذ جميع الاجراءات الاحتياطية لمنع وقوعها، ولو حدثت فيجب
التعامل معها من هذا المنطلق، بما يليق بآداء بطلة فيلم عربي، تسقط على الأرض أو
تصرخ بحسرة أو حتى تضرب على صدرها مندهشة، لتنزل كلمة النهاية.
لا يمكن تجاهل انتشار حالات
الطلاق المبكر التي ارتفعت نسبتها في السنوات الأخيرة والتي تحدث خلال العامين
الأوليين من الزواج، والتي تحمل قدرا كبيرا من الجرأة والاستقلالية لدى المقدمات
عليه، فالإقدام على خطوة كهذه يقتضي القفز فوق حاجز الأهل، ثم فوق حاجز الأصدقاء،
ثم المجتمع عموما ذلك الذي لا يستحي أن يعبر عن استهجانه للمطلقة.
تشتكي صديقتي المطلقة من
استيائها من النظرة التي يرمقها بها من يعرف حالتها الاجتماعية: بنظرة "ليه
كده" أو "يا للأسف"، ترى أن المجتمع يفضل أن تبقى العائلة متماسكة
ولو بشكل ظاهري حتى لو عاش الزوجين منفصلان بشكل كامل داخل منزل واحد بدل من أن
تقع كارثة الطلاق.
تحاول صديقتي أن تتجاوز
الحاجز النفسي الذي خلقه المجتمع لديها بأن تعلن ولو بدون مناسبة عن كونها مطلقة
ويفاجأها فضول الرجال تحديدا لمعرفة أسباب طلاقها، يجرحها الأمر ويحيرها، لكنه
بالنسبة لي متسق مع التفكير الجمعي الذي يرى في إعلانها عن كونها مطلقة تحديا
لقواعد المجتمع الذي يفرض على المطلقة الإنزواء والاختباء لمدارة عار فشلها وعدم
قدرتها على التكيف في الشكل الاجتماعي المرسوم لها.
تواجه المرأة مقاومة
لرغبتها في الطلاق ومقاومة أشد لرغبتها في معاودة دخول التجربة مرة أخرى، تجد عوائق
تبدأ من كونها مطلقة/معيوبة، فالخيارات أمامها محددة، إما مطلق أو أرمل، لا تتزوج
المطلقة ممن لم يسبق له الزواج هكذا تقول القاعدة غير القابلة للنقاش، ولا تنتهي
بالجور على حقوقها المنصوص عليها كونها "ليست عذراء" فربما لن تقيم حفلا
وربما ستتخلى عن بعض أو كل ما يلزمها كزوجة من متطلبات مادية.
لم أكن أنوي أن أكون متحيزة
للمرأة بهذا الشكل، لكن الحديث عن الطلاق لدينا أمر لا يخص الرجل فهو عندما يقرر
يلقي الكلمة ويرحل، ولديه القدرة على دخول التجربة صبيحة اليوم التالي دون قيود
تقريبا، فيما تواجه المرأة سلسلة من العقبات منذ لحظة تفكيرها في الأمر حتى آخر
حياتها.
لا زلت أذكر كلمة كتبها أحد المؤلفين في كتاب موجه للمرأة عن الحياة الزوجية ، يحذرها فيها من طلب الطلاق قائلا : أنت لا تستطيعين مواجهة المجتمع حين يعرف أنك مطلقة فلان الرجل المحترم المتدين
ردحذفمقال حساس ، سلم الله قلمك
جميل يا هدي تسلم إيدك , و ليا بعض التعقيبات
ردحذف* الطلاق في حد ذاته مش عيب , لأنه حالة من الحالات الإجتماعية الطبيعية .
* يمكن المشكلة ان الناس مش بتعرف ازاي تبدي مؤازرتها النفسية , للاسف بتلاقي ان الناس عندها فضول تعرف مش بتسال علشان الواحدة تهمهم بجد . كأنهم عايزين شي مسلي يقضوا فيه وقت و خلاص .
* اكيد المطلقة ( حتي لو كان هو قارفها و ارتاحت من الكابوس ) اكيد بتعاني علي الاقل نفسيًا جراء تلك التجربة المؤلمة ... اعتقد انه و الله اعلم الطريقة الافضل اننا نتجاهل الأمر كله علشان مش نقلب عليها المواجع و كأن الأمر "عادي " و هي بنفسها هتختار صديقة او اتنين تتكلم معاهم تفك عن نفسها .
الواحدة بنفسها هي اللي ممكن تحط حدود للناس في التعامل معاها . لو خلتها صارمة و محترمة و مأخدتش كل تلميح علي اعصابها و خدت الامر كله ببساطة اساسا اعتقد ان دا هيكون عامل كبير علي تخطي الأزمة النفسية . غالبًا اللي بيخاف من العفريت يطلع له
و علي جنب كدا , الواحد المفروض ميبقاش متحفز للمجتمع لان الناس فعلا مبقيتش طايقة بعض , بالعكس , اعتقد انه لو فكر في الدوافع اللي الناس قالت بيها الكلام ممكن نوعًا ما يعرف ان نواياهم سليمة و كويسة .بس فيه شوية سذاجة في توصيل المشاعر .
* مشكلة الطلاق اننا معندناش ثقافة التعامل مع السابق , يعني العيال غالبًا بيبقوا ضحية و مش بيعيشوا حياة صحية و دا المؤسف في الموضوع و دا بيتم نتيجة فعلا لدوافع مريضة من الناس , كالرغبة في الإنتقام أو اذلال الطرف الأخر في ابناؤه علشان يخليه متحسر و قلبه واجعه . و دا مش بلوم فيه طرف علي طرف لكنها ثقافة عامة .
* انتشار حالات الطلاق مش بعتبره الحقيقة جراءة . لكنه عدم تدقيق في البدء في اختيار شريك الحياة و كمان عدم معرفه ما هي الحياة الزوجية بشكل حقيقي . فهذا مؤشر لابد من الإنتباه إليه .
* هو مش فكرة تحيز للمرأة او ضده بس المفترض ان كل واحد يقول اللي عنده و اللي بيشتكي منه و بيحس بيه . الناس غالبًا انانية و ظالمة و لا تفكر الا في نفسها فقط . و عدم العدل و لو علي النفس هي المشكلة الحقيقية في رايي ...
خالص التحية لقلمك الرشيق :)