الصفحات

الأربعاء، 31 يوليو 2013

نقطة مفصلية في التربية




أثناء تواجدي في مجموعة "زوجات صغيرات " و التي تضم أمهات شابات لديهن أطفال في مختلف المراحل العمرية , لاحظت شئ هام للغاية و غالبًا ما يسبب إحباط شديد للأمهات , خاصة في زمننا الحالي حيث لا نري أطفال كثيرة بشكل دائم و نتابع تطورهم عن كثب في البيئة المحيطة بنا .

الأمر المسبب للإحباط هو : أم فلان عرفت تعود ابنها علي نظام رضعات معين , و فشلت انا في ذلك مع طفلي , أو أم علانه بنتها ايه زي الفل هو انا ليه مش عارفة اعمل كدا مع بنتي ؟؟ او إبني بيعيط كتير / عصبي / حساس / هادئ / لم يتكلم بعد / شقي / لا يستمع للكلام عكس إبن /إبنة فلان ؟؟

هناك عدة نظام لابد أن تؤخذ في الحسبان قبل الحكم و الإصابة بالإحباط .

* الأطفال الذكور غير الإناث ( و أم النوعين تدرك الفارق جيدًا و هذه حقيقة و ليس هناك اي نوع من انواع التحيزات او ما شابه ) . فمن الظلم مقارنة طفل بطفلة أو طفلة بطفل . 


* غالبًا  , يتصرف الطفل بسلوك مخالف لشخصيته عندما يكون في تجمع كبير خاصة الوهلة الأولي لمواجهته للناس , لا لشئ معين  ولا يُمثل أو يتصنَّع كما يحلو للبعض ان يظن فهم لا يفكرون او يتخابثون و لكنه شعور الإنسان الطبيعي و رد فعل عادي عندما يكون في مواجهة أناس أول مرة يتعامل معهم  ( او رآهم من فترة و نسيهم ) و ادوات الحوار و التخاطب قليلة . الطفل في عمر اقل من 3 اعوام يكون لازال في بداية طريقه للكلام , و تحت سن ستة سنوات لا يتفاعل الا مع التودد و ليس الكلام فقط لانه لا يدرك المعاني المجردة للكلمات و لكنه يشعر بنا جيدًا .

* عندما تشكو أم من طفلها , ربما تكون هي من النوع المتحدث اللبق ذو الحديث الشيق الجذاب ( و ليس الجميع هكذا بالمناسبة ) , و التي غالبًا ما تصف كل شئ بدقه عن طفلها , فتترك إنطباع عام أن ابنها "محصلش " او من ناحية أخري انها تعاني الأمرين منه  . في الحقيقة الكلام قد يولد انطباعات ليست كما هي في الحقيقة  ولا اقصد الكذب بالطبع و لكن اتحدث عن طبيعة شخصيات تعطي انطباعات معينة للمستمعين . فقد يولد هذا إحباط أو تعاطف زائد . و هناك النموذج العكسي , فهناك من تعاني فعلا من اطفالها و لكن لأنها لا تشكو و يعطي هذا إنطباع خاطئ ان ابنائها مريحين او ما شابه . لكنها في الحقيقة طبيعة شخصيات في الغالب .

الأطفال مختلفون


نعود .

للتربية طرفان , طرف الأم و طرف الإبن/الإبنة .

ربما يتخيل البعض - كما يردد الغالبية - ان الطفل عبارة عن صفحة بيضاء و يكتب الام و الاب فيها ما يريدنا بدون أي مقاومة من الطفل  . هذا صحيح و لكن بشكل جزئي , فلا يمكننا إغفال ابدًا ان كل طفل يولد بصفات مميزه خاصة بيه لا تتشابه مع غيره . و هذا هو سر نجاح بعض الأمهات في شئ معين مع اطفال معينين , لكن محاولة تطبيق هذا الشئ مع اطفال آخري يفشل بشدة .
 أذكر اني كنت اقرأ نصائح عن جعل هناك اوقات محددة للإرضاع و لم اتمكن من ذلك البته و فشلت كليًا . و عندما سالت قريناتي وجدت أن البعض استطاع ذلك ( خاصة من يستخدمون اللبن الخارجي ) و البعض الآخر فشل مثلي , فإستسلمت لحقيقة ان الطفل لن يأكل الا إذا كان جائعًا  و إذا جاع لابد من اطعامه و عدم تركه يبكي بجحة ان موعد الطعام لم يأت بعد !!! و مرت تلك الفترة علي خير بفضل من الله .

الشق الآخر و هو شق الأم . فلكل أم شخصيتها المختلفة عن الأم الآخري . هناك بعض الأمهات الضعيفات فعلًا تجاه اطفالهن و يتأثرن ببكاؤه بشدة ولا يقوين على فرض الرأى أو يخلطن بين وسائل التربية الحديثة و عدم وجود ردع أساسًا في التربية ( و هي مشكلة حقيقية ) و يعتبرن اللين الدائم هو الحل السليم للتربية ( فالطفل ليس بالهشاشة التي يتخيلها البعض و لابد من توازن حقيقي لان الحياة الخارجية ليست بتلك النعومة التي يمكن ان يوفرها الآباء لابنائهم ) .
هذه الأم قد تفشل فعلًا في ارساء بعض القيم في ابنائها . و الامر لا يتم بالعكس ( اي الصراخ و الصويت و الصوت العالي  التهديد الدائم , فلابد من ترك براح للأبناء أيضًا كي لا نقتل الإبداع بداخلهم و لكن التوازن هو مفتاح كل شئ ) .

بعد جمع شقي المعادلة , شخصية الطفل , شخصية الأم . قد نجد أن هناك أمهات لا يجدن فهم ابنائهم جيدًا (برجاء مراجعة مقال الانماط المختلفة لشخصيات الأطفال ) و لا يعرفن ما الشئ المناسب المجدي مع هذا الطفل . قد يكون الإبن من النوعية المتحركة و الأم من النوعية الهادئة المسالمة فتظنه عنده فرط حركة , قد تكون الأم من النوعية النشيطة و يكون الإبن هادئ ممن يتعلمون بمراقبة الآخرين فتظنه غبي , و قد يظنن ان المشكلة او العيب فيهن و ان هذا ناتج عن التقصير و يبدأ جلد الذات المعتاد .
 هذه ليست علاقة متوازنة بين طرفين علي نفس الدرجة , لكن الام و الاب يلعبان فيها دور كبير لان الطفل لازال جديدًا علي هذه الحياة و لازال يكتشفها و المفترض ان خبرة الأم و الاب اكبر في التعامل مع الناس و فهم شخصياتهم .








لذا ففعلا كل طفل له اسلوبه و له طريقته في التعامل و لابد من التدقيق للفهم اكثر حتي نجنب أنفسنا كثير من الإحباط و التعب . و بعد الأخذ بالاسباب يبقي شئ هام للغاية و هو التوكل علي الله و الدعاء المستمر كي يحفظ لنا الأبناء و يعيننا علي فهمهم و تربيتهم بطريقة سليمة . فيظل الهدى من عند الله و لكننا مطالبين بالسعي الدائم و الدائب و الحثيث . 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق