التعليم اللامدرسي وآفاق جديدة لتعليم أبنائنا

 اليوم ونحن نرى جميعًا التراجع المخيف في نظم التعليم المدرسية في بلادنا ونلمس بأيدينا السلبيات الجمة التي تقع على عاتقنا وعاتق أبنائنا من تلك النظم نحاول هنا أن نستكشف آفاقا جديدة في مسألة التعليم وسنخوض في موضوعا نحسبه مبهما وغامضا لكثير من الآباء والأمهات ألا وهو التعليم المنزلي ونحن نرجو أن ينحي قرائنا كل الأفكار المسبقة لديهم عن هذا الموضوع وندعوه أن يتعرف على تجارب حقيقية في هذا الأمر.

 التعليم المنزلي أو الموازي أو اللامدرسي كلها مسميات أصبحت آخذة في الانتشار في عالمنا العربي عن أسلوب تعليمي لا يتبع النظام التقليدي الرسمي القاضي بذهاب الطفل كل صباح للمدرسة وهوأيضا يختلف اختلافا جذريا عن ما نسميه في مصر نظام (المنازل) الذي يتم فيه دراسة منهج المدرسة ولكن في البيت. ورغم هول الفكرة بالنسبة للبعض الذي ينظر للمدرسة على أنها المنقذ من الجهل والطريق الوحيد للنجاح في الحياة فإن التعليم المنزلي نظام معمول به في عدة دول وله قوانين وهناك ملايين من الأطفال الذين يتم تعليمهم تعليما منزليا على اختلاف المناهج التي يختار الوالدين اتباعها، فهناك من يختار أن يعلم أولاده في المنزل وفق لمناهج وضعت خصيصا لهذا النمط وهناك من يختار أن يحدد الأبوان نفسهما المنهج من مصادر مختلفة ويصمماه وفق احتياجات أطفالهما وظروف الأسرة وهناك من يختار الحل الأكثر راديكالية وثورية وهو عدم وجود منهج والاعتماد على فطرة الانسان في الرغبة الكامنة داخله في التعلم والاستكشاف حيث يقود الطفل عملية تعليمه وتكون العملية التعليمية متداخلة مع حياة الطفل نفسه وليست منفصلة بحجرات وأوقات مخصصة لها.

بالطبع لا يوجد اقبال على مثل هذا النمط (أو اللانمط) التعليمي في بلادنا إذ إن الحكومات إلى الآن تلزم الطالب بتقديم شهادة مدرسية لدخول الجامعة وهو ما يعيق فكرة التعليم المنزلي عكس دول غربية عدة على رأسها أمريكا وبريطانيا تعتمد نظام التعليم المنزلي وتضع له قوانين ويقبل الطلبة المتعلمين منزليا في الجامعات بل ويحققون مستويات انجاز عالية مقارنة بأقرانهم المتعلمين مدرسيا حسب العديد من الإحصائيات.

في الواقع جذبتني فكرة التعليم المنزلي منذ البداية من زاوية أنني يمكنني الاستفادة بهذا الكم الهائل من المعلومات والمشاريع والخبرات الحياتية الموجودة عنه على شبكة الانترنت حيث هناك المئات من مدونات التعليم المنزلي التي تنشر فيها الأمهات ما يفعلن مع أطفالهن بالتفصيل الدقيق وبالصور ويضعن مناهج كاملة من تصميمهم وأفكار لا حصر لها عن مشاريعهم التعليمية مع أطفالهم خلال رحلة تعلمهم وبالفعل أصبحت أتابع بعض المدونات لآخد منها أفكار وأنشطة نفعلها أنا وابنتي سويًا بجانب ذهابها للمدرسة.

مؤخرًا واجهتني مشكلة قررت الاستعانة فيها بمواقع التعليم المنزلي ومدوناته، نحن الآن في المدارس نتبع في جميع مجالات المعرفة مناهج نظامية يلتزم بها الآباء والمعلمين والأطفال إلا في مجال الدين فالمناهج الدينية ضعيفة للغاية لا تسمن ولا تغني من جوع وفكرت لما لا أتبع مع إبنتي منهج ديني محدد يمكنني من خلاله معرفة مقدار الإنجاز في المعلومات والثقافة الدينية التي تصل لإبنتي ويكون ذلك بأسلوب ممتع بجعل من الأمر فقرة محببة لها وبالفعل بعد بحث طويل عثرت على مدونة لأم مسلمة تعيش في إنجلترا وتقوم بتعليم أطفالها منزليًا وتوفر لهم الوسائل والموارد والبيئة التعليمية التي تساعدهم على تلك المهمة كانت تضع منهجًا دينيًا متكاملًا للأطفال في سن ما قبل المدرسة واستفدت منه كثيرًا في بدء وضع خطة خاصة بي وبابنتي، وفي الحقيقة لقد ذهلت وإندهشت عندما عرفت أنها انجبت عشرة أطفال وتعلمهم جميعًا تعليمًا منزليًا !!

 ليس هذا فقط بل إنها تنقل أدق تفاصيل تعليمهم ومناهجهم ومشاريعهم للمدونات الخاصة بها على الانترنت حتى تستفيد بها الأمهات الأخريات فهي تنشر تجربتها على أربع مواقع كل واحد مخصص لموضوع معين فهناك موقع مخصص لتجربة أسرتها في التعليم المنزلي بكل ما فيها من أنشطة وموارد وآخر مخصص للأمهات اللاتي لديهن فتيات حتى تساعدهن في الأمور المتعلقة بالأنوثة والجمال وفقه المرأة وآخر مخصص لكيفية إنشاء مدونات وإدارتها حتى تساعد الأمهات على نقل خبراتهن للأخرين وواحد مخصص لكيفية إدارة المنزل و هو ما أثار فضولي لأعرف كيف تدير هذه الأم منزلها وهي التي أنجبت عشرة أطفال وتعلمهم منزليًا!!

لست من مدمني تقريع الذات وجلدها لكن بالفعل لا أعرف لماذا إلى الآن لم نجرؤ على التفكير في سلوك دروب مختلفة في هذه الحياة لماذا نصر على مبدأ "هذا ما وجدنا عليه آبائنا" ربما هو قلة الهمة والعزيمة أو ضيق الأفق؟ لا أعرف لكن أظن أنه سيكون منا مستقبلًا من يطرق أبوابا جديدة ويفتح للأجيال المقبلة دروبًا لم نكن نعلم أنها موجودة، وإلى أن يحدث ذلك علينا المحاولة في هدم السور الذي وضع حول عقولنا وأفكارنا لينطلق من يأتي بعدنا لأفق أرحب لذا سأحاول هنا في مدونة زوجات صغيرات أن أنقل بعض الأفكار والأنشطة المفيدة التي أقابلها في مدونات التعليم المنزلي علها تعود بالفائدة علينا حتى لو لم نلجأ لهذا الطريق بشكل كامل.


روابط لمواقع السيدة التي تحدثت عنها ومواقع أخرى خاصة بالتعليم المنزلي:

- Running a muslim home 
- Talibideen
-Talibiddeen Jr. Companion Blog
- A Muslim Child Is Born 
- Umm Maimoonah's Journal