المشاركة الثالثة من صديقة المدونة : رواء مصطفى
*ما ساذكره هنا هو تجرتي الخاصة
ها قد اقتربنا اخيرا، لم اكن اتخيل ان تاتي بمثل هذه السرعة، لماذا يمضي الوقت سريعا في اوقات سعادتنا، نعم انها الذكرى السابعة لمقدمه، لا اعلم كيف مضت هذه السنون السبع منذ انار بمقدمه حياتي.
لقد اقترب ابني الاكبر من اتمام عامه السابع.
لقد انتقل ايضا من مرحلة رياض الاطفال الى بداية مرحلته الابتدائية، فهو احتفال بمناسبتين، ام هم ثلاث؟؟
نعم انهم ثلاث مناسبات فابني سيبدأ و منذ العام اول انتظام له في الصلاة.
كان يصلي معنا من وقت لآخر ، يصلي ركعة او ركعتين ، ليركض بعدها ليكمل لعبه و مرحه، و لم نكن نغصب عليه ان يكمل صلاته فهو مازال صغيرا، انما هي التعود عليها، و معرفة كنهها.
انا الآن فقد وصلنا اخيرا الى مرحلة جديدة ، مرحلة الأمر بالصلاة
كنت قد سمعت العديد من الشكاوى من صديقاتي أن أبناءهم يصلون إلى سن العاشرة و يبدأون في التكاسل عن الصلاة ،و في بعض الأوقات يرفضون القيام بها، و قد شغلني هذا الأمر كثيرًا ، فمن المهم أن أعلم أولادي الصلاة و لكن الأهم هو أن أحاول أن أزرع فيهم الحرص عليها ، و أن يكون هذا الحرص نابعًا من أنفسهم، لا بسبب الحاحنا عليهم.
فكرت في الأمر مليًا ، و بدأت أفكر في حديث الرسول عليه افضل الصلاة عن تعليم الاطفال للصلاة
عن النبي صلى الله عليه وسلم: "مروا أولادكم بالصلاة وهم أبناء سبع سنين، واضربوهم عليها وهم أبناء عشر، وفرقوا بينهم في المضاجع". [رواه أبو داود 494، واللفظ له، والترمذي 407، والدارمي 1431].
لماذا ذكر في الحديث الشريف أن الأمر بالصلاة يبدأ مع سن السابعة، و لكن العقاب على عدم أدائها لا يبدأ إلا في العاشرة من العمر!!
فكرت في الامر بشكل مختلف قليلا و ربطت بين الحديث و بين تحريم الخمر، حرم الله الخمر على مراحل و لم تحرم من مرة واحدة ،ينطبق الامر نفسه على الصيام فأنا اُدرب أبنائي على الصيام بشكل تدريجي فلا آمرهم به مرة واحدة، فلماذا لا اطبق نفس الامر مع الصلاة؟؟
عرضت الفكرة على زوجي و رحب بها كثيرا،مع إبداء بعض القلق من النتائج و لكن قررنا في النهاية تجربتها.
المرحلة الاولى
إحتفلنا جميعًا بإتمام إبني لأعوامه السبع ، و بعد إنتهاء الإحتفال جلست و زوجي معه بمفرده ( و هو ما اقوم به سنويًا مع إحتفالي بأي من أبنائي)، تحدثنا عن متطلبات العمر الجديد ، ما يحمله من المتع الجديدة، و ما أصبح مسموحًا به الآن مما كان ممنوعًا عليه.
ثم بدأنا نتحدث معه عن الصلاة و أهميتها ، و السبب من خلق الله لنا (أتحدث معهم دائمًا و لكن بشكل غير مباشر و عن طريق ربط الأحداث اليومية بعباداتنا), و اتفقنا على أن نبدأ و منذ الآن الحرص على الصلاة.
كانت الفكرة أن نحرص في العام الاول و حتى يبلغ الثامنة من العمر ، على التعود على الصلوات الخمس في مواعيدها ، و إن اضطر للجمع بين صلاتين إستنادا إلى وقت المدرسة و الصلوات، المهم هو أن يصلي خمس صلوات في البداية .
نتغاضى كثيرًا إن كان قد توضأ أم لا، نتغاضى إن كان قد قرأ السور حقًا ام لا، المهم هو قيامه بالصلاة نفسها.
و في هذا العام حاولنا أن نزيد من حفظه للسور القصيرة، حفظه للتشهد كاملًا بلا صعوبة، الحديث عن فضل الصلاة و أهميتها بشكل اكبر.
المرحلة الثانية
بدأت المرحلة الثانية مع إتمامه لعامه الثامن، فبدأ التركيز على إجادته للوضوء و أنه لا تُقبل الصلاة بلا وضوء ، أن يتعلم ما يبطل الوضوء و ما لا يُبطله.
أصبح الحرص على إتقان الصلاة أكبر الآن، أحرص على أنه يقرأ الفاتحة و سورة قصيرة، و لكن لا ألتفت كثيرًا إلى حركته الكثيرة أثناء الصلاة، أو متابعة ما حوله.
في هذه المرحلة عاد القلق إلينا قليلًا ، و أصبحنا نتساءل هل ما نقوم به هو الصواب، هل سنندم في النهاية على تجربة طريقة جديدة في تعلم الصلاة مع أولادنا، هل سينتهى بنا الأمر الى اكتشاف أن طريقة آبائنا هي الأصوب.
قلق و خوف ، و لكن في النهاية قررنا خوض التجربة للنهاية ، ففي اسوأ الاحوال سنبدا معه من البداية بطريقة مختلفة.
المرحلة الثالثة
في هذه المرحلة ، أصبح الإهتمام بإتقان الصلاة أكبر، و الحرص على عدم التهاون في أدائها ، لفت إنتباهه إذا تحرك أثناء الصلاة، توجيهه إذا شعرنا بشروده فيها، بدأنا نعلمه بعض الأدعية المرتبطة بالصلاة ( دعاء استفتاح الصلاة، دعاء ما بعد التشهد) ، جعله يصلي بأخيه الأصغر كإمام، فيحاول أن يتقن صلاته ليكون قدوة لأخيه، نضطر في بعض الأحيان أن نجعله يعيد الصلاة مرة اُخرى، ليعلم أنه لم يعد هناك مجال للتهاون، مع التاكيد على الوضوء في كل مرة.
لم تكن هذه المرحلة سهلة، فهو قد بدأ بالتمرد قليلًا ، يغضب إذا طلبنا منه إعادة الصلاة، يردد على مسامعنا أنني قد صليت فماذا تريدون أكثر، ليكون ردي دائما أنه حر التصرف ، فصلاته لنفسه و ليست لي، هو من سيثاب عليها و لست أنا، إن كان يصلي فهو يصلي لله و ليس لإرضائي، واجبي الوحيد هو أن اعلمه كيف يصلي( لا يمنع ذلك أن أطلب منه إعادة الصلاة بلا نقاش في بعض الأوقات)
ربما ما أفادنا قليلا في هذه المرحلة ، أن بدأ اخوه الأصغر في الإنتظام في الصلاة ايضًا ، ففي كثير من الأحيان يحب أن ياخذ هو دور المُبادر للصلاة ، كشعور بأن هناك من هو أصغر منه ليمارس معه ما مارسناه نحن.
بدأت أيضا التفكير في البدائل المناسبة ، و التي تسمح له بأداء صلاته خارج المنزل، فلا وجود لمسجد قريب ، و يعود إلى المنزل بعد آذان العصر (خاصة في الشتاء)، تحدثت مع المشرفة عليه بصراحة، و لقد كانت متفهمة جدًا للأمر، سمحت له باستخدام غرفة للصلاة ، و أصبحت تتابعه اثناء قيامهم برحلة ما.
مما أسعدني كثيرًا ، كان إبني سيمضي ليلة في المدرسة، للقراءة، ووجدته و بمفرده يذهب للحديث مع مدرسته، إن كانت تسمح له بأداء الصلاة ام لا، و يشرح لها أن هذا الأمر مهم بالنسبة إليه.
ماذا الآن!!
ها قد مرت ثلاثة اعوام منذ بدايتنا معه، و إقتربنا من مرحلة جديدة، مرحلة إنتقال من حال إلى حال، انتقال من مجرد الأمر، إلى مرحلة وجوب العقاب إذا لم يمتثل، مرحلة يجب أن يفهم فيها الطفل أن عباداته سيحاسب عليها بمفرده، و سيتحمل نتائجها أيضا بمفرد، إنها مرحلة العاشرة من العمر.
عام جديد يمضي من عمره الصغير، مسؤولية جديدة تُضاف إلى حياته، مرحلة طفولة ناضجة تخطو خطواتها في اتجاه مراهقتها، احساس بانه قد بدأ يكبر ،فإلى ماذا وصلنا معه في صلاته؟
مما أجده أنه لا يتخلى عن أي صلاة، يصلي الصلوات الخمس جميعُها ،قد يتكاسل قليلا و لكنه أصبح أكثر حرصًا عليها، يصليها في بعض الأوقات خارج المنزل ايضًا ( الشكر للمشرفة عليه في هذا الامر ، فهي تتابعه كثيرًا)، يُصلي سنن بعض الصلوات، و أحيانا دون أن نطلب منه، حاول في رمضان الماضي أن يجتهد في الصلاة عندما عَلِم مقدار ثوابها المضاعف فيه .
سنتحدث معه في الإحتفال القادم، عن بداية مرحلة عبادية جديدة في حياته، سأبدا في إيقاظه لصلاة الفجر أيا كان موعد الأذان، سنبحث معه الآن و ليس بمفردنا، إمكانية أداء الصلاة في المرحلة التعليمية القادمة.
و مع اقترابنا من هذه المرحلة، لم نندم على طريقتنا معه، و لله الحمد ، و بدانا تنفيذها الآن مع اخيه الأصغر. :)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق