المشاركة الثانية من صديقة المدونة : رواء مصطفي
و حيث تقترب ابنتي بخطى حثيثة من إكمال عامها الثالث في هذه الحياة ، أجدها تحفظ اليوم سورة الفاتحة ، و تقترب من إتمام حفظ سورة الإخلاص ، مع حفظها لدعائين من أدعية ما قبل النوم ، و تردد معي أذكار الخروج من المنزل ، و ركوب السيارة ، و تسابقني في ترديدها أحيانا ، و لقد وصلت إلى هذه المرحلة ، دون تعب أو ضغط و مجهود زائدين .
لم يكن الأمر في غاية الصعوبة ، كل ما في الأمر أنني بدأت معها مبكرًا ، منذ أصبح للحروف مخرج من بين شفتيها ، و حبها لترديد كل ما أقول من كلمات أو أصوات ، فبدأت معها ، و أثناء استعدادنا للنوم ، في ترديد دعائين من أدعية ما قبل النوم ، كلمة كلمة ، و ربما أحيانا نصف كلمة بنصف كلمة ، تبعا لطول الكلمة أو قصرها ، و ربما صعوبة نطقها لها ، ثم تردد هي خلفي ما استطاعت.
لم أهتم كثيرا ، إن كان نطقها للكلمات صحيحا أم لا، كل ما أهمني وقتها ، أن تتعود هي على ترديد الدعاء يوميا حتى يثبت في ذهنها، و حرصت قدر الإمكان أن لا أنسى أن أفعل معها هذا كل يوم.
بعد فترة بدأت بالإضافة إلى الأدعية ، في ترديد سورة الفاتحة معهما ، مع ترديد دعاء الخروج من المنزل كلما خرجنا سويا ، و بالمثل دعاء ركوب السيارة ، كلما ركبناها للانطلاق في طريقنا، أحاول ما استطعت أن أتذكر دائما ذكر الدعاء بصوت عال ، بطيئا بطيئا، لتردد هي خلفي .
حتى فاجأتني صغيرتي يوما، و أثناء ترديدنا لسورة الفاتحة ، بأن سبقتني هي في ذكر الآية الثانية من السورة، فبدأت أذكر لها الكلمة الأولى من كل آية ، و أصبر عليها لأرى ما حفظته و ما لم تحفظه بعد ، و اكتشفت أنها قد حفظت مكان العديد من الكلمات في موضعها الصحيح من السورة ، ثم وجدتها بعد فترة ، و قد اكتفت بأن أذكر لها الكلمة الأولى من دعاء ما قبل النوم، لتحاول هي ترديد الدعاء بمفردها ، مع اكتفائي بالتصحيح لها ، إن نسيت كلمة ، أو أبدلت كلمة مكان آخرى ، و بدأت وقتها في محاولة تصحيح نطق الكلمات لها ، فلا أقبل إلا أن تنطق الكلمة صحيحة ، مهمها استغرقها ذلك من وقت.
و حين بدأنا من أخويها في الحفاظ على المقرأة اليومية ، لقراءة القرآن ، صممت أن تشارك هي معنا بتسميع سورة الفاتحة ، ثم بدأنا بإضافة سورة الأخلاص ، نقولها لها و تردد هي بعدنا ، حتى اقتربت الآن من حفظها ، و أضفنا في الوقت الحاضر كلا من سورتي العصر و الكوثر ، نرددهما معها بالتبادل بينهما، يوما بعد يوم.
و مما جعل وقت قراءة القرآن ممتعا لها و محببا لنفسها ، أنها استولت على مصحفي ، و اتخذته لها مصحفا ، تتابع فيه قراءتنا للقرآن، بفتحها لأي صفحة من صفحاته ، و اقتناعها الكامل بأنها تستطيع حقا القراءة منه ، و المتابعة فيه مثلنا ، و تجلس في انتظار دورها للتسميع بفارغ الصبر .
كانت هذه تجربتي مع ابنتي ، و التي كررتها قبلا مع أخويها ، فالطفل يكون سريعًا في الحفظ ، و كثرة التكرار أمامه ، تسمح له بتذكر ما يسمعه مرارا و تكرارا، دون معاناة أو ضغوط من جانبنا عليه .
رواء مصطفى
19-01-2014 - ميونخ - ألمانيا
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق