بقلم: أحلام مصطفى
كثيراً ما تمر علينا الأيام ونحن نقضيها في شغل وعمل يُنسينا الكثير من الأهداف التي وضعناها لأنفسنا قبل شهور وربما سنوات، ثم نذكرها في يوم من هذه الأيام ونتحسر على عدم تنفيذ أيّ منها نظراً لمشاغل الحياة، ومسؤولية البيت والأولاد، وشيئاً فشيئاً قد يتشكل لدى المرأة إحساس ما من المرارة والحسرة على ما تعتقد أنه ضاع من عمرها أو قدراتها دون استفادة وكأن حياتها وصلت إلى نهايتها وكأنه لا مزيد من الأيام القادمة.
وليس الأمر في الحقيقة حكراً على النساء، فالرجل أيضاً يمرون بهذه الأحاسيس خصوصاً مع ما نلقاه من صعوبة في هذه الظروف التي نعيشها بصورة تجعل الرجال منكبين على العمل والسعي لتأمين حياة كريمة لأسرهم. ولكن الأمر ليس بالسوداوية التي نعتقدها.
إن التعامل مع الحياة خصوصاً عندما يبدأ المرء أسرته الخاصة ويدخل في دوامة المسؤوليات لا ينبغي أن يكون باليومية أو حتى بالشهرية كما نتعامل مع الأعمال الصغيرة المؤقتة، إن حياتنا عندها ينبغي أن تدور حول المراحل الهامة فيها واللحظات الفارقة، كدخول أطفالنا المدرسة، أو اتخاذ قرار الإنجاب مجدداً، أو الاكتفاء بعدد أطفال محدد، فترات ربما تمتد إلى خمس سنوات في أسر أو عشرة في أسر أخرى. لأن حقّ هؤلاء الأبناء مقدم بالضرورة وغالباً ما يحتاجون لبقاء الأم متفرغة حتى يصلوا سن المدرسة بل أن بعض علماء الاجتماع يرون أن الأم ينبغي أن تبقى متفرغة لأبنائها قدر المستطاع حتى سن الثامنة. وهذا هو الحال المثالي ولكنه ليس الواقعي فكثيراً ما تضطر الأمهات للمشاركة في الإنفاق أو غيرها من المشاغل.
وتجد الآباء أيضاً في معركة مع كل شيء لتحقيق قدر من الأمن والضمان المادي لعائلته حتى يتمكن من الحصول على بعض السلام الداخلي دون خوف على مستقبلهم أو الآتي من أيامهم.
ومع مسؤولية كهذه يصعب عليهم أن يتفرغوا لتحقيق شيء من مشاريعهم الخاصة أو أحلامهم أو حتى إمضاء وقت في ممارسة هواياتهم أو تعزيز مهاراتهم.
ومع مسؤولية كهذه يصعب عليهم أن يتفرغوا لتحقيق شيء من مشاريعهم الخاصة أو أحلامهم أو حتى إمضاء وقت في ممارسة هواياتهم أو تعزيز مهاراتهم.
وليس هذا بقدر الآباء والأمهات ولا نصيبهم المكتوب كما يقال، فهي مرحلة من مراحل الحياة عليهم التعامل معها وتجاوزها، بل والاستمتاع بها لأنهم يحققون انتصارات وإنجازات كبيرة على مدى تلك الأعوام، يرون فيها العائلة تكبر وتنمو وينتقل أفرادها بين المراحل العمرية حتى يصلوا إلى البلوغ ويعتمدوا على أنفسهم. وترى العائلة تكون عاداتها الخاصة ولغتها الخاصة وعلاقاتها الخاصة وهذا كله من عظيم الإنجاز!
وإلى ذلك ينبغي أن يداوم الأبوان على ممارسة شيء مما يحبان ولو بدرجات بسيطة أو اتخاذ خطوات صغيرة بقدر ما يسمح الوقت والظرف ليجدا مشروعاً خاصاً بهما بعد أن يكبر الأبناء يلتفتان إليه ويضعان مجهودهما فيه عندما يكبر الأبناء ويستقل كل منهم في حياة خاصة به حتى لا يتحول الأهل من حياة مزدحمة بالمسؤوليات إلى حياة فاغرة فيزيد تضيقهم على أبنائهم ورغبتهم في التدخل في كل شأن من شؤونهم دون أن ينتبهوا لتأثير سلوكهم السلبي هذا على حياتهم. ليس هذا للتخلص من تدخل الآباء بل حتى لا نحس بعد مرور 20 أو 30 عاماً وعندما يجد كل من أبنائنا حلمه الخاص أننا أضعنا حياتنا سدى وليس معنا الآن شيء! بل عندنا أهدافنا الخاصة وأحلامنا المؤجلة التي كنا نعمل عليها شيئاً فشيئاً وقد حان الآن وقت التفرغ لها والعمل عليها.
فلنعِد ترتيب عقولنا وطريقة تفكرينا، فحياتنا ليست تدور حول محور واحد فقط، بل لها العديد من الجوانب، ولنتعامل مع أبنائنا وأسرنا على أنهم أمانة لا ملك خاص، ولنبنِ لأنفسنا أحلامنا الخاصة بدلاً من محاولة فرضها على أطفالنا وتحقيقها من خلالهم!
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق