بقلم : أحلام مصطفي
بعد الانتهاء من مرحلة اختيار الشريك تدخل العلاقة في مرحلة الخطوبة، أو ما يفترض أن يكون مرحلة الاختبار، "يعني المفروض فيها نتعرف على الشريك مش نتفسح ونتصور ونحط الصور على الفيسبوك".
للأسف أغلب الفتيات ينظرن إلا من رحم ربي ينظرن إلى مرحلة الخطوبة طالت أو قصرت على أنها مرحلة متعة واستجمام تحقق فيها كل فتاة الخيالات التي كانت تحلم بها عندما كانت تنظر إلى صور صديقتها أو تستمع إلى أحاديثهن. "ومافيش مانع تطلع الغلّ اللي جواها وتغيظ كل اللي مش مرتبطين وكأنها عملت إنجاز عظيم :) ".
تعيش الفتاة تلك المرحلة في حالة من التظاهر شبه الدائم أمام زوج المستقبل سواءً شكلاً أو مضموناً، تظاهر غرضه "الحفاظ على المكتسبات"، "يعني إوعي يعرف عنك حاجة وحشة فيسيبك ويفلسع". وكأن الوقت لن يمر والزواج لن يكشف كل شيء. للأسف هذا الانطباع الذي يؤجل فيه الطرفان التطرق للقضايا المهمة في فترة الخطبة حتى يعيشان تلك الصورة النمطية الحالمة للمرحلة، ويتوقعان أنهما سيتعاملان معها كيفما اتفق عند الزواج غالباً ما تنتهي بأمر من اثنين:
- إما الطلاق المبكر لأن الحقائق التي تمّ التغاضي عنها تبين أنها لم تُحل بمفردها، والأدهى والأمر أن مرحلة التجاهل والإهمال استمرت إلى ما بعد الزواج فانسحب الطرفان من العلاقة بدلاً من محاولة العمل عليها.
- أو الاستمرار في الزواج على مضض لأن الطلاق علامة فشل أو لوجود أطفال أو لأسباب أخرى اجتماعية..إلخ.
جزء من المشكلة هو في علمية الاختيار السابقة والهدف من وراء الزواج وطريقة اختيار الشريك كما تحدثنا عنها في المقال السابق، ولكن جزءاً كبيراً أيضاً مرتبط بالمعتقدات السائدة حول إلغاء الخِطبة وافتراق الطرفين، والخوف من النظرة المجتمعية، فترى الفتاة تخاف من أن لا يقبل عليها أحد مستقبلاً إن تركت هذا الخطيب، والرجل يخاف أن يوسم بالفشل لأن علاقته لم تستمر مع أن المجتمع أكثر تسامحاً مع الرجال في مثل هذه الحالات، بل ربما يجد تقديراً من بعض النفوس المريضة للأسباب الخط "راجل ما يعيبوش ومن حقه يخار اللي تعجبه حتى لو لعب بعشرين بنت قبل ما يمن علينا بكرم أخلاقه ويلتزم بعلاقة".
"ويا سلام لو تدخلت الأمهات والخالات والعمات وكل نسوان العيلة الموضوع"، عندي قناعة أنه كلما زاد عدد النساء في مشكلة ما غالباً ما ستتفاقم هذه المشكلة، لأن النساء في الغالب الأعم يحببن لعب دور الضحية، ويدفعن الطرف الموالي لهن للإحساس بالمظلومية:
"ابنك هو اللي غلط وبنتي عداها العيب!
بنتك ما بتعرفش تتعامل أصلاً ولا عندها ذوق!
ابنك مش رومنسي وما بيجبش هدايا عليها القيمة!
بنتك ما بتسمعش الكلام ودايماً ليها رأي! رأي الكبار هو اللي يمشي!
ابنك مش طموح ولازم يفكر في المستقبل!
بنتك مش موفرة وبتصرف كتير! "
غالباً ما يتم الاحتفاظ بهذه الصيغ إلى ما بعد الزواج والوقوع في الفخ، ولكنها تُقال بالتلميح والتجريح في فترة الخطبة، وكأن هناك منافسة بين الأمهات حول من أنجبت الفتاة او الشاب الأفضل، وكأن كل أم تعتقد بأن ابنها يستحق أفضل من ذلك وابنتها أفضل من سعيد الحظ بمراحل. وبدلاً من التعاون الإيجابي بين العائلتين لدعم هذه العلاقة الجديدة وجعلها تسير في الطريق الصحيح تجد الخطيبين منهمكين في إرضاء الأطراف المتنازعة حول مصير ليس مصير تلك الأطراف في الأصل!!!
"مش أهلكم اللي بيتجوزا، أيوة هم جزء مهم من الحياة، لكن دي مش حياتهم ولا اخيارتهم ولا ليهم حق يعكوا فيها! العك ده بتاعكم إنتوا ومن حقكم إنتوا". إن لم يتفرغ الخطيبان بشكل كبير لدراسة العلاقة بينهما والتعرف على جوانب شخصيتيهما بصورة أفضل، وتقرير إن كانا يستطيعان بذل المجهود والعمل على هذه العلاقة في مرحلة الخِطبة فسيكون من الصعب التعامل مع مضاعفات هذا الأمر لاحقاً.
كلما أبقيا على العلاقة خاصة قدر المستطاع، دون تدخل الأصدقاء في كل صغيرة وكبيرة، وطلبات الأهل وتوقعاتهما غير المنطقية كلما كان الأمر أكثر سهولة وأقل تعقيداً، من المهم أخذ الاستشارة طبعاً ولكن خذها من طرف محايد قدر المستطاع، طرف لن يقف إلى جانبك فقط لأنك ابن أو ابنة أو سيزين لك سوء عملك لأنه صديق يغار أو يحسد. ابحث عن النصيحة ولا تنتظرها!
يطول الحديث عن هذه المرحلة وربما أكتب جزءاً آخر عنها، ولكن لعل ما ينطبق عليها وعلى غيرها من المراحل: "سيبكم من الكلام الفاضي وركزوا في المهم!"، والمهم هو العلاقات البشرية الصادقة، بعيداً عن المظاهر والماديات والقيل والقال وكثرة السؤال.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق