لا أريد أن يبدو كلامي عن هذه الفترة كنوع من تدمير الأحلام الوردية أو "تكسير المقاديف"، ولا أن أبالغ في التفاؤل فتكون الصورة غير صادقة لدرجة ربما تُشعر البعض بالخيبة لأنه تجربتهم لم تتطابق مع ما كانوا يتوقعون في أول سنة من الزواج. في الحقيقة الأمر وسط بين منزلتين ربما أستطيع أن أوضح رأيي قدر المستطاع "فاستحملوني شويتين تلاتة على ما أعرف أتفلسف شوية".
طبعاً أغلب الزيجات كما هو شايع تعتقد بأن
حفل الزفاف سينتهي ببداية شهر عسل من "اللي بيطلعوا في الأفلام، مع إني مش
فاهمة الناس بتصدق الأفلام إزاي بكل الخزعبلات اللي بتطلع فيها بس ما علينا"..
المهم، أن الزوجين يعتقدان لغفلة منهما أن الحياة ستمضي بكل سلاسة وسهولة ويسر كما
تسير السكين في العجين أو الزبدة في قول آخر، دون وضع اعتبار للوضع الجديد ولا
لترتيباته وخصوصيته. مهما بلغ فهمكما لبعضكما البعض وحبكما ومهما طالت فترة
المعرفة فإن ذلك ليس كأن تتشاركا منزلاً واحداً تأكلان معاً وتشربان معاً
وتستخدمان نفس الحمام والمطبخ وكل ركن في البيت. تتشاركان أيضاً في إدارة المنزل
وتنظيم شؤونه، أصبحت أغلب نشاطاتكما متصلة ببعضها، وارتباطكما برغبات بعضكم البعض
وثيق.
فمن أين جاءت تلك الخيالات بأن "إنتوا
حتفهموا بعض بالإشارة وهو حيصحى يلاقي الست محضراله البيض عيون زي ما بيحبه وهي
حتصحى تلاقيه محضرلها البيض مسلوق زي ما بتحبه ويصحوا في الآخر مايلاقوش
فطار".
جاءت من تلك السعادة التي يمنحنا إياها إحساسنا بأننا ما أن نجتمع بمن
نحب إن كنا نحب فسوف تسير الحياة وحدها في الطريق الصحيح ولن يكون هناك أي إشكال،
فنحن نحب بعضنا وتزوجنا عن قناعة ولا يمكن أن نختلف على التفاهات! والواقع أن
الأمر ليس متعلقاً بالتفاهات بل بكل تفاصيل الحياة التي ستتغير، وكل الأفكار
المسبقة التي سيتوضح خطأ الكثير منها، "بعدين إذا كانت أمه وأمها ذات نفسهم
شخصياً خدوا وقت على ماتعودوا عليهم لما خلفوهم عايزين يطلعوا كده خلقة متفاهمين
إزاي؟!".
أعزائي القرّاء "على قولة كتاب
العواميد"، أول سنة زواج هي سنة استكشاف وتأقلم ومفاجآت على كل الأصعدة، سنة
فيها الكثير من الحب وفيها الكثير من الخلافات، فيها الكثير من التناغم والكثير من
النشازات، فيها الكثير من الرضى والكثير من عدم الارتياح، فيها الكثير من كل شيء!
وهذا طبيعي جداً "فماتروحيش من تاني يوم تقوليلوا طلقني عشان جابلك كيكة
شوكولاته وإنت عايزاها فانيليا وهوا مش قادر يفتكر ذوقك في الأكل!". كل
الفكرة في أن تتفقا على الاستمتاع بكل لحظات لشدة والصعوبة كما تفعلان في لحظات
المودة والحب، وأن تعيشا كل تلك التجارب وأنتما تدركان أنها فينهاية المطاف
ستوصلكما إلى علاقة مستقرة صحية – كما هو مأمول – على المدى الطويل. بعض الأزواج
يستغرقهم الأمرة سنة، وآخرون سنتين وغيرهم خمس سنوات حتى تنتهي مرحلة التأقلم
والنقاش والتفاهم "يفهموا بعض من غير كلام وتكفيهم الإشارة عشان
يرتاحوا".
تحدثت سابقاً عن ضرورة أن يترك الزوجان
لنفسيهما دون تدخلات، وفي هذه السنة الأمر أهم وأكثر إلحاحاً، فيكفي كثيراً أن
تنشغلا بأموركما والقضايا التي قد تتبدى لكما "ومش لازم كل حاجة تروحي
تقوليها لمامتك وكل حاجة تروح تقولها لأمك!! خلاص إحنا مش في أولى ابتدائي!"،
لو كان المجتمع على درجة عالية من الوعي لما تحدثت بهذه الصورة ولكن للأسف مما
أسمع وأرى ومن تجارب الفتيات فإن الحديث في تفاصيل العلاقة بين الزوجين مع أطراف
العائلة أياً ما كان الطرف غالباً ما تزيد الأمر سوءاً!، كل شيء الآن متوفر لكما
على الإنترنت ابحثا عن مشكلتما واطلعا على مختلف الكتب والأبحاث في التعامل معها،
لستما مجبرين على استقبال الأجوبة الجاهزة! ولا على التقيد بنصيحة واحدة تعطى
لجميع الأزواج! لكل تجربة خصوصيتها!.
لعلني أسرفت في التحذير والإنذار، ولكن ربما
لأن الناس غالباً ما تدخل هذه المرحلة دون تحضير فتبدأ المشاكل والتي كما نشهد
أصبحت كثيراً ما تنتهي نهايات مؤسفة فقط لكسل الطرفين أو اعتقادمهما بأن أي خلاف
في الفترة الأولى من الزواج معناه "إن النكد أسلوب حياة وخلاص بقى نفضها من
أولها"، فلا أحد يريد أن يبذل مجهوداً، ولكن الحقيقة هي أنكم إن أردتكم تلك
العلاقة التي ستعيشون بها طول العمر وتجدان فيها ملجأكما ولاذكما في مساوئ الحياة
عليكما بذل الجهد والاستثمار فيها قدر المستطاع، والله لا يضيع أجر المحسنين.
عظيم يا أحلام ما شاء الله
ردحذفتسلمي يا إيناس :)
ردحذف