الصفحات

الخميس، 11 سبتمبر 2014

المرأة مصيبة 7– الخلفة واللي بيخلفوا


بقلم :أحلام مصطفى 




إن قضية الإنجاب هي في كثير من الأحيان تحصيل حاصل بالنسبة للكثيرين، "يعني اتجوزوا فلازم يخلفوا ده الطبيعي وإلا الناس حتقطعهم إشاعات وكلام عن الزوجة اللي ما بتجيبش عيال والزوج اللي مش عارف يخلف، وعنهم هما الاتنين عشان بيتدلعوا وأهاليهم كان زمانهم مخلفين 5 ولا 6 ". وكأن الأمر عملية تصنيعية يقوم فيها الزواجان بتجميع أجزاء هذا الطفل ثم يختمانه بختم العائلة "صنع في...".




سأبدأ أولاً برأيي الشخصي الذي قد لا يتفق معه الكثيرون، ولكنني أعتبر أن الإنجاب ليس حقاً ولا اختياراً بل هو واجب إن توفرت الظروف المناسبة له، ليس واجب بمعنى فرض ولكن بمعنى واجب علينا أداؤه على أكمل وجه لأنه جزء من المهمة الموكلة إلينا من قبل الخالق في إعمال الأرض وخلافتها. "طيب، المشكلة بقى مين اللي يحل الواجب ده؟؟" ، شخصياً أعتقد بأن بمتلك القدرة المادية والمعرفية على أدائها عليه ذلك، بغض النظر عن خططه الخاصة وآماله وأحلامه وطموحاته، لا لشيء إلا لأن معدل أعمار الزواج والإنجاب في ارتفاع وقدرتنا على رعاية أبنائنا تقل كلما تقدمنا في السن جسدياً وعقلياً لذلك إن كانت لديك القدرة المادية والمعرفية لأداء المهمة الآن فلا تؤجلها لأنك تريد أن "تسافر وتتفسح وتشوف الدنيا وتعيشلك يومين، أو عشان مش عايزة تبوظي جسمك وعايزة تستمتعي بيه الأول، أو مش حاسة إنك جاهزة للخلفة في الوقت الحاضر ولسه في حد بيطبخلك وينضفلك ويغسل هدومك".



للأسف نحن لا نتعامل مع الزواج والإنجاب على أنهما مسؤوليات تترتب عليها واجبات، ولكن على أن مستحقات ينبغي أن نحصل عليها في حياتنا على أكمل صورة ومن غير ما نتعب أو نبذل فيها أي مجهود سواءً في العمل على العلاقة قبل وبعد الزواج أو في العمل على التحضير الجيد ومجاهدة النفس بعد الإنجاب. "الطفل اللي حتخلفيه مش لعبة تلبسيها حلو وتتمنظري بيها على صحباتك وبعدين ترجي البيت ترميه لمامتك أو أختك أو الدادة، أو تبقي مخنوقة ومش طايقة نفسك وكأنه الولد السبب في كل مشاكل حياتك ! ماحدش قالك تخلفيه !!". أسوأ الأمثلة أولئك الآباء الذين لا يبذلون أقل مجهود لتحمل الزن والبكاء والمتوقع من طفل يتكون ويتشكل على أيديهم لا يعرف شيئاً عن الأدب الذي يقررون هم طبيعته ! ولا الأخلاق الغريبة التي تعودوا عليها ! ولا يدركون ما هو مفيد وضار ولا ما هو جيد وسيء من طعام وشراب وملبس وروائح وغيره من الأمور التي تحيط بهم! لذلك فهذا الطفل لن يعترض عندما تسممه والدته بمشروب مليء بالسكريات والألوان الصناعية، أو تطعمه مادة لزجة لا يعرف مما هي مصنوعة في الحقيقة! فقط لأنها لا تملك الوقت ولا الصبر كى تتحمل مسؤولية الكائن الذي أنجبته حتى تثبت للعالم أنها امرأة كاملة لا ينقصها شيء!.


لعل حديثي فيه بعض الانفعال، ولكن فكرة أن تكون مسؤولاً عن كائن بشري آخر ليست بالأمر السهل، أن تشكل أفكاره ومبادئه أن يكون لك أكبر الأثر في حياته مهما حاولت أن تنفي عن نفسك تلك المسؤولية، إنها فكرة ينبغي على كل منا أن يتأملها جيداً قبل قدوم أطفاله إلى الحياة. لا أقول بأننا يجب أن نتوقف عن الإنجاب لأننا من الصعب أن نؤدي المهمة بنجاح "مش حنتلكك يعني"، لكن أن نضع في عين الاعتبار أننا سنحتاج الكثير من الجهد والتحضير، ومهما حاولنا فنحن لن نكون جاهزين بنسبة 100% لاستقبال طفلنا فكل واحد منهم مختلف عن الآخر له خصوصيته وعالمه وشخصيته التي يولد بجزء منها ونساهم نحن والعالم من حولنا بتكوين البقية.
"ما تحاوليش تقنعي نفسك إنك أم مثالية مهما حاولتي مافيش حاجة اسمها أم مثالية، ولا أم بالفطرة!"، فطرة الأمومة هي التي تمنحك القدرة الجسدية على تحمل الولادة والمخاض والرضاعة والسهر ليلاً ثم متابعة شؤون عائلتك نهاراً، ولكن قدرتك على تربية أبنائك أمر آخر لا علاقة له بالفطرة المحضة، إنه أمر يأتي مع الكثير من الصبر والتصبر والتظاهر بالصبر، إنه أمر يأتي مع البحث عن المعرفة كل يوم وطرح الكثير والكثير من الأسئلة، أمر يأتي مع سؤالك المتكرر لنفسك هل هذا هو أفضل ما يمكن فعله لطفلي أو طفلتي؟!


ربما تضطرك إجابتك إلى تفويت العديد من المناسبات الهامة، ولقاءات الصديقات، ربما تغضبين بعض الناس وتثيرين استغراب البعض الآخر، ربما تحسي بالإرهاق والملل والكثير من الضغط، ولكنك في المحصلة لا تحملين ذلك لكائن جميلاً على أداء واجبك تجاهه. كل تلك حقوقه عليك وعلى والده وليست تفضلاً ونعمة منكما. ولعلني أحاول أن أركز على هذه النقطة في هذا الأسبوع "عشان نبطل نعامل عيالنا كأنهم عالة علينا! وتسمعهم بيقولولك أومال خلفتونا ليه؟!". لا تجعل أطفالك يحسون بأنهم مشكلتك حتى لا تصبح أنت مشكلتهم عندما يكبرون.



يتبع..

هناك 4 تعليقات:

  1. جميل كلامك ... ومقتنعة بيه .. قليل لما بلاقي حد يعرف يرجعني للطريق الصح لما أحيد عنه من كلام اللي حواليا .. حد يفوقني ويقولي دي نعمة ورسالة مهمة مش خلفتيهم ليه هو انت عارفة تربي اصلا .... مفيش ام ثالية طالما مبدا المحاولة موجود

    ردحذف
    الردود
    1. كلنا بنحتاج حد يفكرنا من فترة للتانية.. جايز اللي حوالينا مايكونش ليهم دور إيجابي في إحساسنا بإننا بنعمل الحاجة الصح بس أعتقد كأهل محتاجين نكون أقوى ونعرف نتعامل مع الحالات دي.. ربنا يقدرنا :)

      حذف