الصفحات

الخميس، 18 سبتمبر 2014

المرأة مصيبة 8– الخلاصة

بقلم : أحلام مصطفى 

بعد أن فكرت في كل الكلام الذي قلته سابقاً منذ بداية هذه المقالات خلال الأسابيع السبعة الماضية، وجدت أنني غطيت مراحل عدة كلّ منها في مقال تقريباً، ولنفترض أن كل مرحلة "عدت على خير" فمن الطبيعي أن تربي الأم التي تزوجت للأسباب الصحيحة واختارت زوجها للأسباب الصحيحة وأنشأت بيتها على مبادئ صحيحة ثم أنجبت وربت أبناءها على مبادئ صحيحة، من الطبيعي أن تستمر الحياة وفق مبادئ صحيحة. "بس مش دايماً ده اللي بيحصل، وياما الحال بيتقلب والدنيا بتتغير"، ويصبح البيت غير البيت والناس غير الناس.

ربما سأنهي حديثي في هذه السلسلة بكلام عن الخطوط العامة، "يعني بغض النظر عن المرحلة اللي إحنا فيها، في حاجات لازم تكون موجودة على طول، مش مأجرينها ولا مستلفينها من حد". يجب أن تكون هناك قناعة داخلية أنه لا حياة كريمة وسليمة بلا مبادئ عامة للفتاة على اعتبار أنها موضع النقاش هنا، وأنها في كل مراحل حياتها ستقيم تجاربها واختياراتها وفقاً لتلك المرحلة، أولها هو احترامها لنفسها وشخصها وإيمانها بأنها إنسان كامل لا ينقصه شيء حتى يعيش حياة كريمة تستحق الاحترام، ولكن هذا الاحترام للذات لا ينبخي أن يكون زائفاً مبنياً على أسس باطلة، "زي شعرك وجسمك وصوتك وهدومك ومستواك الاجتماعي والموضة وإلخ"، ولكن احترام قائم على تقدير دورك في المجتمع مهما كان، وعلى قيمك وأخلاقك التي في الأساس هدفها تحقيق الغاية من وجودك وليس إثبات وجودك وتفوقك على غيرك من الإناث!

أنت لست مجبرة على اختيار أسلوب حياة معين حتى تكوني مقبولة اجتماعياً، ولا أن تتزوجي حتى دون اقتناع لتحصلي على رضى الآخرين، ولا أن تتزوجي عن جهل حتى تحسي بالرضى عن نفسك! مسؤوليتك هي أن تعملي طويلاً للتخلي عن كل ذلك، ثم أن تعدي نفسك لمسؤولياتك المستقبلية، ليس عدم الزواج نقيصة نعم، ولكنه الزواج فطرة في البشر وحاجتنا إلى شركاء حاجة نفسية ومادية معاً، لذلك فكري في هذا الموضوع بجدية وبطريقة مناسبة لحجمه ودوره في حياتك، لا تتزوجي دون اقتناع ولكن اجعلي توقعاتك منطقية مبنية على أسس صحيحة وليس على أفكار خيالية ورغبات آنية ستختفي مع شهور الزواج الأولى. أنت وشريكك لن تقضيا الحياة في لعب ولهو ومرح وضحك ومزاح وتجول وإلخ.. الحياة معقدة وصعبة وأنتما بحاجة لما يؤهلكما لخوضها معاً بنجاح، ومجموعة الهوايات المشتركة ليست كافية لتحقيق هذه الغاية!

نفس هذه المبادئ ستعيشين بها في كل اختياراتك في الحياة ومهامك، في العمل أو الدراسة أو البيت أو نشاط المجتمعي، بعيداً عن المظاهر والماديات والشكليات وسطحيات المجتمع، كل ما ستعودين إليه لتقييم أفعالك هو ما يمكنك تقديمه من خلال عملك أو أسرتك أو عائلتك الكبرى أو مدرستك أو جمهورك إن كان لك من متابعين صغر عددهم أو كبر. نحن نتربى دائماً وفي أذهاننا أن القيادة فعل مذكر، وأن الراعي هو الأب والابن والرئيس في العمل والعالم والشيخ، حتى أصبحنا ننظر إلى أدوارنا كإناث على أنها هامشية لا قيمة لها ابتداءً من الطبيخ وانتهاءً بالانجاب  فكلها مخططة مسبقاً ننجزها تلقائياً دون تفكير. لكن الحقيقة هي أن كل فعل نفعله وكل مهمة نقوم بها هي مهمة قيادية بالدرجة الأولى، كل كلمة تقولينها وكل فكرة تتبنينها ستنعكس على إخوتك أو أبنائك أو تلاميذك أو زملائك، كل شيء في حياتك هو مجال للتأثير والتغيير فلا تستهيني بما تقومين به مهما كان.

"إنت مش شعر و وش ورحم وفرج، إنت عقل ونفس وروح"، فتوقفي عن التعامل مع ذاتك كأنها كومة لحم تتزين لتحصل على بعض الإعجاب، أو على أنها مجموعة أفكار من هنا وهناك كل غرضها نيل رضى الناس وثنائهم على مظاهر سطحية لا قيمة لها. انظري إلى نفسك باحترام كما خلقك الله حتى تجدين الاحترام الحقيقي المخلص والتقدير السليم، لا الإعجاب المزيف والتعامل الذي يتغير بتغير "وضعك".

آمل فعلاً أن تصل كلماتي ولو لفتاة أو امرأة واحدة وتدفعها إلى إعادة النظر في نفسها والعالم من حولها، فمرأة واحدة بقرية كاملة.. لا يعرف مدى تأثيرها.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق