الصفحات

الخميس، 20 نوفمبر 2014

عن فن "الغيرة والمقارنات"

بقلم: أحلام مصطفى 



من معضلات الحياة الزوجية و أكبر منغصاتها "صغر عقل الستات" فيما يتعلق بمقارنة أنفسهن بغيرهن من النساء وأزواجهن بغيرهم من الأزواج وأولادهن بغيرهم من الأولاد. فتجد تلك المرأة تستهلك جزءاً كبيراً من نفسيتها ومجهودها العقلي في تحليل أوجه الاختلاف بينها وبين أمها وبين عمتها وبنت خالة أخت زوج أختها.. وتعتقد بأن عليها التفوق على ما عرفته من تفاصيل حياتهم أو مجاراتها على أقل تقدير.


"أمي كانت بتعمل كده، وبنت عمتي زوجها بيعملها كده، وعمي بيكلم مراته بالطريقة الفلانية، وصاحبتي جاتلها هدية عيد زواج بالشيء الفلاني، وبنت أخو أم بنة عمة أمي بيقول لمراته بحبك على التلفون كل ما يكلمها! اشمعنى أنا لأ؟؟؟".وفي المقابل تجد أيضاً من الأمهات وأمهات الأزواج من تقارن ابنتها أو زوجة ابنها بنفسها وكيف كانت تعيش وتهتم بزوجها وبيتها وكيف كانت تربي أبناءها، الأمر الذي غالباً ما يكون هدفه بيان مدى "دهولة " البنت أو مدى تفوق الأم أو الحماة في قدرتهم على القيام بأداء نفس المهام.


"نرجع للحالة الأولى، الست اللي حلمها في الحياة زوجها يعمل اللي بيعمله نص رجال الكرة الأرضية كلهم مع بعض مرة واحدة، وأولادها ياخدوا أحسن حاجة في كل الأولاد اللي شافتهم في حياتها"، وتجدها تتأزم نفسياً، وترجع الأمر إلى حظها السيء، وزوجها "اللي مش مقدرها" وأولادها "اللي خسارة فيهم" المجهود الضائع. أعتقد أن نساء هذا النوع يرغبن في الإحساس بأنهن ضحية من نوع ما، حتى يعشن دور الدراما الخالدة للمرأة الأصيلة، التي لا يكتمل كيانها إلا بشيء من "النكد". "يعني لو ما نكددتش على حد أو على نفسها تبقى مشكلة وجودية". 


للأسف نحن الإناث نربى على ذلك، على استغلال مواهبنا في استدرار العطف، ويتكرر أمامنا دوماً أننا إناث مغلوبات الأمر مكسورات الجناح لا نملك من الأمر شيء، لذلك ترى حيل البكاء والانهيار و "القمص" والإضراب عن الطعام من أكثر حيل الإناث نجاحاً وتلبية لطباتهن أمام العائلة أو الزوج "كل ما تتزنق تعيط". طبعاً ليس الأمر على العموم، "في بنات بتعيط عشان متضايقة بجد والله بس كلنا عارفين الحركات دي ".


وعندما تكبر البنت وتتزوج وتنجب، تصاحبها بعض تلك السلوكيات ولكن بتطبيق مختلف، "يعني بدل ما تعيط عشان بابا قالها لأ، بتدور على حاجة تحس إن ليها حق تضايق منها بحكم الطبع والتعود وتكتشف إن زوجها ما بيحبهاش عشان ما بيبعتلهاش مسج زي زوج أختها يقولها بحبك". للأسف تغفل تلك الزوجة عن حقيقة أن زوجها رجل مختلف، وأنها امرأة مختلفة، وأن طريقة حبه لها وتعبيره عن ذلك الحب تختلف عن طريقة حب زوج أختها. جزء كبير من الأمر يعود لتلك الصورة الموحدة عن الحب التي نشاهدها أمامنا كل يوم في كل مكان، أفلام مسلسلات وبرامج، الكل يحب بنفس الطريقة، بالورد والشوكولا، والمفاجآت، و و و ، ولكن الواقع غير ذلك. 


وجدت كثيراً من النساء ممن تمردن على نعمة الزوج الذي يحترمها ويقدرها ولكنه مش "ملحلح" كما يصفن الأمر، فلا حافظت على احترامه وتقديره ولا هي حصلت على "لحلحته". للأسف بدلاً من أن نتعامل كإناث مع اجتياجاتنا النفسية بنضج ومسؤولية، ونتحدث إلى أزواجنا بصراحة، ندخل في لعبة من التلميحات والمناكفات واصطياد الأخطاء وافتعال تقصير الطرف الآخر، الطريقة الوحيدة التي تتربى عليها أغلب الإناث ويرينها أمامهن ليل نهار.


ربما علينا أن نتوقف عن طلب كل شيء، وأن ننظر إلى ما نحن فيه هل هو ما نحتاجه أم لا، فإن كان هناك ما ينقص نحاول اكتسابه بالحسنى والتعامل مع الأمور بحكمة، دون أن نحول الأمر إلى مأساة نتقمص دور الضحية فيها. لا أقول بأن كل مشاعر السيدات من هذا النوع أو أنه ليس هناك أبداً أسباب وجيهة لمثل هذه المشاعر، ولكن ما أتحدث عنه هو النوع الآخر، الأهوج، غير العقلاني، الذي يعتمد بصورة أساسية فقط على رغبتها في الحصول على ما عند الأخريات، وعدم قدرتنا على الإحساس بالرضا الداخلي بعيداً عن أحكام الآخرين.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق