الصفحات

السبت، 29 نوفمبر 2014

عن خيالات الزواج والحقائق

بقلم : أحلام مصطفى 

يطلب منّي كثيراً أن أتحدث عن طبيعة العلاقة بين الزوجين قبل وبعد الزواج، 
هل يستمر الحب والرومانسية أم يختفيان، هل تصبح العلاقة أفضل أم تبدأ في التراجع شيئاً فشيئاً، هل يصبح الأمر مجرد تشابك مصالح وتقضية واجبات أم هو شراكة حقيقة بين شخصين يحبان وجودهما إلى جانب بعضهما البعض ويستمتعان به.

ليس للأمر إجابة واحدة، أكرر للمرة المئة ربما أننا نعامل مع فكرة الزواج وكأنها فيلم رومانسي اعتدنا مشاهدته ونحاول أن نطبق كل ما فيه على أنفسنا وأن نعيش كل لحظة حلمنا باختبارها أو تجربتها مع شريك أو شريكة المستقبل، وهذا جزء من المشكلة لأننا نفرض على أنفسنا على أزواجنا سقف توقعات ليس عالياً ولكنه غير مناسب! "مش كل الرجالة ولا كل السيدات بنفس الشخصية ونفس أسلوب الحياة ونفس طريقة التفكير، مافيش منهج موحد في الزواج". وليس بالضرورة أن نحصل على كل ما نريده أو نتوقع في زيجاتنا، ليس الأمر في الواقع كذلك، بل أن تعطي وتأخذ تشد وترخي، تتنازل وتطالب، ودائماً دائماً ينبغي أن تتفاهم!

قضية الحب بعد الزواج ببساطة يمكن تفسيرها أنه حب مختلف، الطرفان يمران بمراحل مختلفة خلال العلاقة، في البداية مرحلة التعارف والافتتان والتفرغ الكلي فلا مسؤوليات ولا واجبات يلتقيان لتجاذب أطراف الحديث والتعبير عن مشاعرهما الجياشة، ثو تبدأ مرحلة التجهيز للزواج، فتبدأ الرغبة في تحقيق أحلام عش الزوجية وتأسيس حياة حالمة بصورة معينة يراها الطرفان، ثم يأتي الواقع، الذي يحدث أن طريقة الحب والتعبير عن الاهتمام تتغير، الاهتمام والحب يتجليان في الرعاية والخدمة ومحاولة جعل الحياة أكثر قبولاً وأريحية، ولكن الطرفان يفتقدان أيام "الروقان" والكلام المعسول والسهرات والجلسات العاطفية، والتي لا بنبغي أن تختتفي تماماً في الأصل، ولكنها تغيب مع الصدمات الجديدة المتتالية من المسؤوليات إلى الانشغالات إلى الأطفال وغير ذلك.

في هذه المرحلة لا ينبغي على أي من الطرفين أن يحس بأن الطرف الآخر لم يعد يحبه أو لم يعد يفكر فيه أو فيها بطريقة رومانسية، أو أنه لا يريد قضاء وقت معه ومعها، اتخاذ المبادرة والتعبير عن المشاعر حينها هو أفضل ما يمكن فعله، الحاجة للمشاعر والعطف والحنان والإحساس بالحب ليست أمراً يدعو للحرج بين الزوجين، بل إن هذا هو أصل الحياة الزوجية، السكون والمودة والرحمة، فعندما يحس أحد الطرفين بأنه بحاجة إلى شيء يراه ناقصاً أو غائباً منذ فترة فليصارح الطرف الآخر ولنبتعد عن أحاديث مثل: "المفروض يحس من نفسه، والمفروض هي اللي تاخد بالها من الحاجات دي..إلخ"، لسنا في سباق نحو من الأفضل ومن الأسوأ، نحن نعمل على تحقيق الأفضل لنا ولعائلتنا لا إلى محاولة إثبات من الأكثر مراعاة. للأسف طريقة تربيتنا لا تجلعنا قادرين دائماً على التعبير عن مشاعرنا بصراحة أمام أزواجنا وزوجاتنا دون الإحساس "بشرخ في الكبرياء".

في المحصلة، ربما يجب أن نتوقف عن تقييم علاقاتنا وفقاً لقواعد عامة سمعنا عنها على القهوة أو في جلسة سيدات ناقمات على المجتمع، وأن نتعلم أن نحب بشكل مختلف في كل مرحلة من مراحل الحياة المختلفة، فحب الخطيب والخطيبة يختلف عن حب الزوج والزوجة، وحب الأب والأم يختلف عنهم جميعاً، نحن نكتسب طبقة جديدة من الحب في كل مرحلة وعلينا أن تعلم كيف نتعامل معها جميعاً ونعطي كل منها حقها دون أن نحس بأننا نتحمل ما هو فوق طاقاتنا! ليست القضية أداء واجب، علينا أن نتعلم كيف نطلب الحب عنما نحتاج وأن نتعذر عن عدم قدرتنا على التعبير عنه عندما تكون الظروف صعبة، وأن نتقبل كل ذلك بأريحية ودون شعور بالعجز أو الفشل... لأنها أولاً وأخيراً تدور حول المودة والرحمة.

هناك تعليق واحد:

  1. جزاكم الله خيرا
    صلوا على النبي محمد وعلى آله وصحبه أجمعين

    ردحذف