بقلم : رواء مصطفى
التواصل هو من أكثر الأمور حيوية في حياة الانسان، فهو أساس تعاملك مع العالم المحيط، تستخدمه مع الأصدقاء، و الغرباء على السواء، تتواصل مع أهلك و ابنائك، تتواصل مع نفسك ، بل و تتواصل مع الطبيعة المحيطة أيضا.
و لاختلاف من تتواصل معهم على الدوام، تختلف أيضا طرق التواصل التي تستخدمها مع كل منهم، و حيث يظهر ربما أن التواصل مع أبنائك هو أسهل أنواع التواصل، إلا انه في بعض الأحيان قد يكون أصعبها على الإطلاق، حيث يختلف الأمر تماما من طفل لآخر .
فحين يكون البعض منهم منفتحا على الجميع، يسهل عليه التعبير عن مكنونات نفسه، و يفضل أن يتواصل مع من حوله، نجد البعض الآخرعلى العكس تماما، منغلقا على نفسه، لا يعرف كيف يعبر عما بداخله، بل و ربما لا يحب التحدث كثيرا، حيث يفضل دائما أن يظل مستمعا، متفرجا فقط على ما يدور من حوله.
و لأن التواصل مع الطفل مهم ليتم فهم ما يفكر فيه، و تأثيرات الأحداث من حوله عليه، و معرفة حقيقة مشاعره، فتوجب على الوالدين البحث عن أساليب مختلفة تمكنهم من التواصل مع أبنائهم ، و العمل على اخراج ما يعتمل في صدورهم، و الافكار التي تراود عقولهم، ليتمكن الوالدين من توجيههم، و العمل على حل مشاكلهم حال تواجدها عندهم، و الاهم من كل ذلك، أن تفتح بابا للتواصل فيما بينهم يستمر معك في صغرهم و كبرهم.
أكثر ما تعارف عليه من أنواع التواصل و أشكالها، هو الحديث المباشر مع الشخص، حيث يمكنك ان توجه اسئلة مباشرة لطفلك، لتحصل منه على إجاباتها، تسأله عن يومه كيف قضاه في مدرسته، او مع والدته، فيجيب أحيانا بتفصلات كثيرة، و أحيانا أخرى بإجابات مقتضبة، بل ربما قد تجده أحيانا لا يعرف كيف يجيبك على أسئلتك، و إن بدت بالنسبة أليك بسيطة.
و حتى و إن حصلت من ابنك على إجابات لأسئلتك، فهي ربما لا تنقل لك تماما كيف يفكر، و كيف يشعر، حيث قد تفاجأ أحيانا، و عن طريق الصدفة بأن أمراً ما قد آلمه أو سبب له ضيقا، دون أن تتمكن من معرفة ذلك في حينه ووقته، على الرغم من أنك تحاول التواصل معه يوميا.
و لأن الطريقة المباشرة للتواصل مع الطفل قد لا تؤتي ثمارها كما نريد، و أن التواصل لا يكون فقط بالكلام، توجب أن يكون هناك طرقا مختلفة أخرى، تمكننا من التواصل مع أبنائنا، و محاولة التقرب منهم ما استطعنا ، نذكر خمس طرق منها:
1-احكي لهم عن يومك:
عند عودة
ابنك من مدرسته، او عودتك أنت من عملك، بادره بالتحدث عن يومك ، كيف سار، ما الذي
فعتله فيه ، اذكر لما قد يكون قد أزعجك، أو أسعدك ، و تحدث معه ببعض التفصيل، كما
قد تتحدث من صديقك، أشعره أنك تهتم حقا باخباره بكيف كان يومك، بل ربما تحاول ان
تأخذ رأيه في أمر ما يهمك، في عملك ، أو امور حياتك الخاصة.
عندما
تبدأ معه أنت الكلام، فانت تسمح بحدوث مساحة من المشاركة و الثقة، تجعل طفلك ،
يتحمس هو أيضا لاخبارك بما حدث له في يومه، سواء في مدرسته، أو في الوقت الذي قضاه
في المنزل، أو مع أصدقائه، فيبدأ بملاحقتك في الكلام، و تستطيع حينها أن تعرف منه
أغلب من تريد معرفته.
2-إفطار الصباح :
خصص يوما
أسبوعيا، تجتمع فيه الأسرة بكاملها على الإفطار، و اجعل هذا الأمر طقسا أسبوعيا،
يتحدث فيه كل فرد من أفراد الأسرة، عن أكثر ما أسعده أو أحزنه خلال الأسبوع
المنصرم، و لا تكتفي بمجرد ذكر الأمر، فإن وجدت في كلام طفلك ما يتطلب التعليق
عليه، أو التحدث فيه بشكل أكثر تفصيلا، فافعل ذلك في وقتها.
لا
يستثنى من الكلام يومها أحدا من أفراد الأسرة، بل يجب أن يكون الأب و الأم هما
الاكثر حرصا على الكلام، و بذكر أحداث حقيقية حدثت لهم، ليشجعوا أبناءهم على إخراج
ما لديهم من لحظات سعيدة حدثت لهم طوال الأسبوع، او لحظات كانت لهم مؤلمة فيه.
3-اخرج معه بمفردك :
مع زيادة
عدد الأطفال ربما لا تستطيع التواصل معهم دائما بنفس الكيفية، خاصة إذا ما كان
التنافس بينهم شديدا على من منهم يستطيع لفت انتباهك له، أكثر من باقي اخوته، فقد
تجد أحيانا أن بعضهم قد بدأ بالانعزال عن الأسرة، أو أنه لم يعد مهتما بالتواصل
الشديد معها.
من
الأفضل دائما أن تخرج من فترة لأخرى مع أحد أبنائك بمفرده، دون إخوته أو حتى
والدته معكم، اذهبوا معا للتمشية ، أو لشرب كوب من العصير، أو ربما لمشاهدة فيلم
سويا، أنت بهذا الامر تتواصل مع ابنك بمفرده، و تجعله يشعر بأهميته عندك، و تجعل
له ذكريات معك ، تظل معه عندما يكبر في السن.
تستطيع
في مثل تلك الاوقات، ببعض الجهد ، أن تجعله يثق فيك، يشاركك بعض أسراره، خاصة إن
شاركته أن أيضا بعضا من أسرارك الخاصة، و مع تكرار الأمر، و معرفته أنك لم تخبر
أحدا حقا بما حفظه عندك من أسرار، فستكون مثل تلك الخروجات مطلبا له مستقبلا، يقضي
فيها وقتا سعيدا معك، و يشاركك العديد من أسراره و مشاعره.
4-كن صديقا له :
كوالد أو
كوالدة، يجب أن يشعر أبناؤكما بحزمكما في المنزل، و بأن للمنزل قيادة هي من تديره،
و لكن لا يمنع ذلك أيضا أن تكون صديقا لأولادك في ذات الوقت، فهناك اوقاتا للصداقة
و أوقاتا للحزم.
اقض بعض
الوقت مع ابنك في غرفته الخاصة، تحدثا سويا في أي موضوعات قد تطرأ على بالكما،
بعيدا عن النصح و الأوامر و خلافه، و اجعل تلك الاوقات للكلام العام فقط لا غير،
حتى و إن ذكر ابنك أمرا يتوجب توجيهه و نصحه فيه، فتعامل مع الأمر في حينه معاملة
الصديق و أكمل حديثك معه، و اجل نصيحتك لوقت آخر، تجده مناسبا لذكر ما اعترضت عليه
في خلال جلستكما، و قدم له نصحا هينا.
شاركه
ألعابه و اهتماماته، العب معه بألعابه الالكترونيه، و لا تسفه من محبته للعبة ما.
تبادلا النكات سويا ، و اضحكا عليها معا. مارس معه ما يحبه من انواع الرياضة ،
المهم أن يشعر طفلك أنك تسعى للتواصل معه بطريقته هو، لا بطريقتك أنت .
5-أولاد و بنات :
كما أن
التواصل مع أبنائك جميعا مهم، فالتواصل مع الأولاد منهم كأب بعيدا عن والدتهم و
أخواتهم البنات، او تواصل الأم مع البنات بعيدا عن أخوانهم و والدهم، أيضا مهم.
فمع تقدم
الأطفال في العمر و اقترابهم من سن المراهقة، ستجد أن بعض الامور عليك كأب أن
تتحدث فيها مع أبنائك الذكور، و سيكون حديثك معهم فيها دون حرج، و بشكل أفضل من
حديث والدتهم معهم، و ينطبق الأمر على البنات أيضا مع والدتهن، فسيكون من المهم أن
يشعر كلا منهم بتقارب والدتهم او والدهم منهم بشكل خاص.
اجعل
لأبنائك أنشطة رجالية خاصة بكم ، لا تشارككم فيها أخواتهم أو والدتهم، قم بما
يلزمك لتكتسب ثقته فيك كوالد، يستطيع أن يتقبل منه الكلام و النصيحة ، حتى و إن
تطرق الكلام لأمور قد يشعر الطفل بالحرج عند التحدث فيها.
و اجعلي
لك و لبناتك اوقاتا خاصة بكن، تكون اوقاتا للبنات، مارسوا سويا أنشطة للبنات، و
افعلي ما يلزمك لتكتسب ابنتك ثقتها فيك، فتجد فيك دائما الملجأ للحديث في أي
موضوع، حتى و إن كان امرا محرجا لها الحديث فيه.
حاولوا
دائما تقبل ما يخبركم به أبناؤكم، حتى و إن لم تتفقوا معهم في الرأي حوله، فمن
المهم جدا ألا يشعر الطفل، أن هناك ما يخشى أن يتحدث فيه أمامك.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق