بقلم: أحلام مصطفى
كثيرًا ما تقع الخلافات بين الزوجين، ليس ذلك أمراً جديداً، ولكن قليلاً ما يلتزمان بقواعد وقوانين الخلاف التي تضمن أن لا يخلف هذا الخلاف جروحاً لا تندمل وندبات تبقى وتتركم حتى يصل الطرفان لمرحلة من الجمود العاطفي والبلادة المتبادلة فلا يعود مهماً لأي منهما رضى الآخر أو سخطه.
نحن لا نعرف للأسف كيف نختلف برقي ولباقة، عند أول فرصة لنهاجم وننتقد تجدنا أخرجنا كل الأنياب والأظافر، وتجد الواحد منا مشغولاً جداً برفع الملام عن نفسه والخوف من الاعتراف بالتقصير أو حتى من مجرد الاتهام بالتقصير، فيأخذ الموقف منحاُ آخر، أقرب إلى الصراع على البقاء، وكأن الطرفين ليسا زوجين بينهما ما بيهما من الخصوصية والحميمية التي تسمح لهما بالضعف والخطأ أمام الطرف الآخر، والاعتراف بالخطأ عند الحاجة، وكأنهما غريبان لا يعرفان بعضهما فيقدمان على اتهامات غريبة وبعض الظنون الباطلة التي يعرفان يقيناً عدم صحتها إلا أنها تظهر فجأة مع هذا الخلاف الذي بدأ بسيطاً وتحول إلى قضية وجود واحترام للذات ورفض للاستسلام والتنازل!
علينا أن نتفق منذ البدء أن الخلاف والأخطاء التي تؤدي إليه ليست علامة نقص ولا تقصير، ولا هو دليل على أن الطرف الآخر أفضل أو أكثر عطاءً، كل مافي الأمر أننا بشر نخطئ وننسى، وأننا ارتبطنا حتى يكمل كل منا الآخر ونتعاون على الحياة لا لنعيش حياة رغد و رفاهية خالية من المنغصات، ولا ليتحمل أحدنا الحمل كاملاً بينما يتمتع الآخر بالاهتمام والرعاية. نحن في علاقة تكامل لا منافسة وسباق لإثبات الأفضل.
عندما ننظر إلى الحياة من هذا المنظور فإننا لا نعيشها بقلق الخطأ أو في محاولة تجاوز التقصير.. ولكن نعيشها ونحن نعرف أنه ليس مفروضاُ علينا الكمال، وأننا سنبذل أقصى جهدنا دون ضغط من أحد، بل بتقدير الآخرين ودعمهم. وعندما يحدث أن يكون هناك خلاف فإنه يكون لتصحيح مسار، أو تعديل طريقة تعامل مع الأمور، ويكون هدفها الأساسي تحسين العلاقة لا تسجيل نقاط!
إن جزءاً كبيراً من حياتنا يضيع في جدالات محورها "خطأ من هذا"، بدلاً من "كيف نعالج هذا الخطأ"، وفي رغبة في تبرير المشكلة بدلاً من تجاوزها، ثم بعد أن نهدأ نحاول فهم الموقف ونجد أنه كان سخيفاً لا يستحق، ولكن بعد أن تكون العبارات المؤلمة قد قيلت، والأفكار السيئة قد تكررت، وذلك الخلاف التافه تحول لإحساس بالظلم والتجني، أو بعدم التفهم، أو بالوحدة.. وإن لم يتم علاج مثل هذه المواقف بالقدر الكافي من المراعاة وإعادة التقييم فإنها تبدأ بتشكيل فجوة بين الطرفين تزداد مع كل خلاف، وتكبر حتى لا يعود ممكناً ردمها إلا لو تمكن الشخصان من فقد ذاكرتهما لبعض الوقت!
لا يقع اللوم الزوجين وحدهما عندما نبحث عن السبب، ولكن عن طريقة تربية وإعداد تجعلهما يحسان أنهما يدخلان في علاقة ينبغي لكل منهما فيها أن يثبت أنه الأقوى وأن كلمته لا "تنكسر" وإلا استغله الطرف الآخر! وفي كل هذه المفردات التي استخدمتها ما ينقاض الغرض الأساس من الزواج.. الرحمة والمودة والسكن! وإلا فلماذا نتزوج؟؟
كل شيء آخر يفنى أو يصبح عادياً لا قيمة كبيرة له، لا الهدايا والتمتع بالشباب ولا النزهات.. كل ما يبقى هو حسن العشرة والمودة المتبادلة التي تؤمن إحساساً بالأمان والطمئنينة لا الغربة والوحدة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق