بقلم: أحلام مصطفى
لست ممن يهتمون كثيراً بفكرة الأوقات التي
تحدد البدايات الجديدة، كرأس السنة وأعياد الميلاد وغيرها، ولكنها مهمة للبعض،
لأنهم ينظرون إليها وكأنها النقطة التي يستطيعون عندها إلغاء كل القرارات غير
الموفقة والبداية مجدداً، ولكن الحقيقة غير ذلك، فنحن لا نصل إلى نقطة ما دون تدخل
كل التفاصيل القديمة ودون أن تؤثر بطريقة ما على ما تبقى من حياتنا.
كثير منا ينتظر وينتظر حتى تحين اللحظة
المناسبة لفعل شيء ما، لتغيير نظامنا الغذائي السيء، أو تجديد أنشطتنا المملة، أو
تحسين العلاقة مع أبنائنا، أو تغيير طريقة التواصل مع أبائنا أو إعادة التفاهم إلى
علاقاتنا الزوجية، ولكن تلك اللحظات المناسبة إما أنها لا تأتي أو أننا نجد العذر
دائماً لتأجيل البدايات، ثم تأتي التواريخ - كتاريخ الأمس مثلاً - لتعبر عن الأوقات
المناسبة التي كنا ننتظرها، وتمضي الأيام وتعود الدوامة لتبتلعنا من جديد.
الحق يقال ليس التغيير سهلاً، ليس سهلاً
أبداً، بل هو أمر مجهد ويحتاج إلى الكثير من المثابرة والتصميم، ولكن ما يجعله
أصعب هو رغبتنا في أن نغير كل شيء في لحظة واحدة، وكأننا نريد أن نولد من جديد،
دون أن نتحمل مسؤولية أي من الأفعال القديمة والعادات السابقة.
لكن الأمر لا يحدث بهذه الطريقة، لا شيء يحدث بهذه الطريقة، التغيير الجذري غالباً ما يكون مفروضاً لا يحدث اختيارياً، لأننا بطبعنا غير قادرين على إعادة البرمجة الفورية هذه. إن البرامج التي نراها أو الأفكار التي تأتي من أولئك الذين يتحدثون على لسان التنمية البشرية ويضربون نماذج لأشخاص قلبوا حياتهم رأساً على عقب لا هي واقعية ولا قابلة للتطبيق على النطق واسع، إنها أمثلة محدودة تزغلل العيون وتجذب الانتباه فقط لا غير.
لكن الأمر لا يحدث بهذه الطريقة، لا شيء يحدث بهذه الطريقة، التغيير الجذري غالباً ما يكون مفروضاً لا يحدث اختيارياً، لأننا بطبعنا غير قادرين على إعادة البرمجة الفورية هذه. إن البرامج التي نراها أو الأفكار التي تأتي من أولئك الذين يتحدثون على لسان التنمية البشرية ويضربون نماذج لأشخاص قلبوا حياتهم رأساً على عقب لا هي واقعية ولا قابلة للتطبيق على النطق واسع، إنها أمثلة محدودة تزغلل العيون وتجذب الانتباه فقط لا غير.
أنت كزوجة وأم وربة منزل وابنة وأخت، كلنا
نعرف لديك الكثير من المهام التي تحتاج اهتمامك الكامل أو الجزئي خلال اليوم، وليس
من المنطقي أن يتوقع أحد منك أو أن تتوقعي من نفسك أن تتمكني من تحقيق
"انقلاب" نوعي في حياتك دون مساعدة ودون أو يكون لزوجك وأبنائك أو
المقربين دور كبير فيه. التطور الطبيعي للأمور والأكثر استقراراً هو أن نختار
شيئاً معينًا أو جانباً من حياتنا نراه بحاجة إلى تعديل أو تغيير، والأنسب هو
ترتيب الأمور حسب الأولوية والقدرة على التنفيذ، لا نبدأ من الأصعب حتى لا نهيء
أنفسنا للفشل، بل بأمر ممكن التحقق بشكل كبير وسهل التنفيذ حتى يشكل نجاحنا في
تغييره حافزاً جديداً. ثم إن كان ولا بد نضع لأنفسنا خطاً زمنياً معقولاً ليس أقل
من شهر أو أكثر من شهرين حتى نبدأ برؤية نتائج لذلك التغيير.
إن تقسيم ما نريد تحقيقه على مدى العام فضل
بكثير من محاولة فعل كل شيء في نفس الوقت طوال العام، بل هو الطريقة الوحيدة
تقريباً لتحقيق ذلك، وبما أنني أعرف شخصياً أننا ولا بد جربنا طريقة
"الانقلاب" وفشلت فلنجرب غيرها.
أعدّي تلك القائمة بالأمور التي ترينها
قادرة على تحسين حياتك بأي صورة كانت، وحددي طريقة تحقيقها وكيف ستتمكنين من
تطبيقها وضعي جدولاً زمنياً لكل منها، شخصياً لا أفضل أن يتجاوز عدد الأهداف التي
ستؤثر علي حياتنا على المدى الطويل عن خمسة أهداف خلال العام الواحد، لأنك لا تريد
أن تنهي كل شيء هذا العام! وإلا فماذا ستفعل في الأعوام القادمة؟! لنتعامل مع حياتنا على أنها سلسلة طويلة من
الأحداث لا حدث واحد كبير نحن بانتظار أن يتحقق كل عام!
من النعم التي نعيش عليها هي فرصنا للتغيير، الوقت
ليس عبئاً نريده أن ينقضي ونتخلص منه، ولكنه حيز كما المكان حيز، بوسعنا أن نتعامل
معه كما نتعامل مع المكان المحسوس، فنضع فيه قطع الأثاث المفضلة، وبعض الأزهار،
وفناجين الشاي، أو أجهزة الحاسوب، أو الكتب.. أي بتعبير أبسط وقتك كبيتك أو مكتبك
أو معرض أو أي مكان آخر لنشاطك تملأه كما تشاء، ولكنه ربما أكثر مرونة لأنك لا
تتعامل مع حجارة وأخشاب.. بل مع أفكار وأفعال.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق