الصفحات

الخميس، 12 فبراير 2015

كيف تتعامل مع سوء الظن !

بقلم: أحلام مصطفى 

لعل الموضوع ليس مهماً بالنسبة للكثيرين ممن يظنون أنهم لا يسيؤون الظن بكثرة، أو أن الأمر لا بتعلق بالمقربين منهم، أو أنهم تعرضوا له دون وجه حق وتم التعامل معهم ظلماً وقهراً بسبب سوء ظن الآخرين غير المبرر. في كل الأحوال فإن القضية لا تأخذ أكبر من حجمها على العكس فهي لا تأخذ حجمها من التفكير والمراجعة عندنا.

لو فكرنا قليلاُ لوجدنا أن الكثير من الأوقات التي تحدث فيها خلافات أو مشاكل تتدرج في أهميتها، بين أصدقئنا وعائلتنا وأزواجنا ربما وجدنا أغلبها ناتج أن تصورنا نحن لأمر ما قيل أن فعله أحدهم، ولكننا في الواقع لم نسمع من صاحب الشأن أو نستفهم عن هذا السلوك أو هذه الكلمات، أو ربما نظرنا إليها على اعتبار أنها ظالمة لنا دون أن نراعي الطرف الآخر، هل هي من حقه ونحن نتعدى عليه لا أكثر، هل نبالغ في ردود أفعالنا بسبب خبرة سابقة تعرضنا لها، هل نحن من الذين يحبون لعب دور الضحية ويستمتعون به لذلك يفسرون الأمور كما يحلو لهم، وبالطريقة التي تشعرهم بالرضا عن أنفسهم، بغض النظر عن الحقيقة والواقع؟

إن سوء الظن ليس مجرد فعل نفسي، أو شيء يبقى حبيس أفكارنا، ولكنه للأسف يمتد ليسيطر على مشاعرنا وأفعالنا بصورة لا تسمح لنا بأن نتعامل بإيجابية مع الأشياء من حولنا.
نحن نعرف جيداً كل هذا الكلام ولكننا لا نضعه حيز التطبيق؛ تجد الأصدقاء يظنون ببعضهم البعض ظنون لا تتناسب ومقدار الصدافة الموجود، والأهل ما أن يتعرض أحدهم لتغيير ما في العمل أو في العلاقات، تغيير لم يعجبنا ابتداءً لأسباب أنانية تخصنا، تجدنا نلوم كل التصرفات اللاحقة لهذا الفرد على ذلك التغيير..
 قد يكون الأمر حقيقياً في بعض الأحيان ولكنه كثيراً ما يكون مجرد "تعدّي" منّا على حق الآخر في أن يختار ما يريد بغض النظر عن نظرتنا نحن وما يعجبنا وما نراه مناسباً ! طالما أنه لم يتخطّ حقوقنا فليس لنا أن نغضب من شيء!
ثم نقول: لقد أصبح فلان أنانياُ، لم يعد يؤدي واجباته العائلية، لم يعد مهتماً.. إلى غير ذلك من الأفكار والظنون التي تختصر كلها في أن الحياة تمضي والناس يتغيرون وتتغير اهتماماتهم وأولوياتهم.

لعل أسوأ مجال يؤثر فيه سوء الظن هو بين الزوجين، أن يفترض أحدهما للآخر سوء النية في الأمور، فعل زوجي الشيء الفلاني لأنه لا يهتم بي، لا يراعي مشاعري، لا يحترمني، وعلى الطرف الآخر فعلت هي الشيء الفلاني لأنها ليست زوجة جيدة، لا تعرف كيف تتعامل مع زوجها، لا تستمع إلى طلباتي، لا يهمها رضاي.. إلى آخر ذلك. ثم إذا أنت حاولت فحص الموقف ربما وجدت أن أحدهما يقدم على فعل يظن أنه به يرضي الطرف الآخر أو يريحه أو يسعده، فيفاجأ بالنتيجة العكسية، ويكتئب ويعتقد بأن مجهوده لا يلاقى بما يستحقه من تقدير. وندور وندور في دوامة أساسها "الظنّ".

تحدثت كثيراً عن أهمية التفاهم، ولكن لا تفاهم عندما تدخل إلى الموقف وأنت تتبنى وجهة نظر خاصة تعتمد على تحليلاتك وكلام المفسدين أو نصائح ممن لا ينبغي لهم النصج، قبل أن تطلب التفاهم أطلب أن تفهم على ماذا ستتفهم، اسأل من هو أمامك لماذا فعلت كذا، وأخبره بأنك فهمته بالصورة الفلانية حتى يراعي الطريقة التي يوصل بها لك المعلومة في المرة القادمة. والأهم من هذا وذاك أن تكون خطوتك الأولى هي أن تجد أعذاراً كثيرة يمكن أن تكون سبباً فيما حصل، قبل أن تستفهم، حتى لا يوغل صدرك ويمتلئ بالغضب والغيظ فيؤثر حتى لا مجهودات الإصلاح، وإن كان ذلك صعباً فليس أقل من أن تحاول أن لا تتخذ أي موقف حتى تحين ساعة الحوار.

ليس الأمر سهلاً، ويتطلب الكثير من الصبر والممارسة، كما هي الكثير من الأخلاق والصفات التي ينبغي أن نعمل عليها، ليس صحيحاُ أن الأخلاق تكون فينا هكذا، لا بل نعمل عليها حتى نكتسبها، ثم تصبح طبعاً فينا. علينا أن نترك فقط عادتنا في التعامل مع الآخرين التي اكتسبناها من الناس من حولنا، وطريقتنا في التعامل مع الجميع على أنهم أعداء ينافسوننا بصورة أو بأخرى، فمهما كان ذلك صحيحاً مع الأغراب، فلا ينبغي أن يكون كذلك مع من نصفهم بالمقربين والأهل.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق