بقلم : أحلام مصطفى
إن العلاقات الزوجية المنتشرة في مجتمعاتنا
غالباً ما تتسم بنوع من الانفصال التام بين اهتمامات الزوج والزوجة، فتجد لكل
منهما حيزاً لا يعرف الطرف الآخر عنه شيئاً، في حين ربما يعرف أصدقاء كلا الطرفين
أكثر بكثير مما يعرف شريك الحياة نفسه.
من الطبيعي أن نختلف في اهتماماتنا فنحن
بشر أولاً ومختلفون بالطبيعة، ورجال ونساء ثانياً، لذلك فإن وجود بعض الجوانب التي
لا نتشاركها أو لا نتفق عليها أمر عادي، ولكن ما ليس عادياً هو أن تمتد مساحة
الانفصال والاختلاف لتشمل غالبية جوانب الحياة ولا يتبقى لنا من الزواج سوى الطعام
والشراب والنوم وتربية الأطفال.
نادرًا من نجد من يفكر في أن العلاقة الزوجية تقوم على الصداقة ابتداءً، أو الرفقة، لأننا نحتجز العلاقة الزوجية في جوانب عاطفة الحب المحدود، وأفعال الجسد الغريزية، ونبتعد عن كل ما يكسبها تفردها الحقيقي والذي يشكل الفرق الأساسي بينها وبين أي علاقة أخرى.
كيف تتشكل بينك وبين زوجتك علاقة متميزة إن كنت لا تحدثها إلا في أمور المنزل والأطفال وتحتفظ بشجونك وهمومك لآخرين، أو إن كنت لا تشاركها متعك وبهجاتك وتخصص وقتاً لها مع أصدقاء ومعارف وتعطيهم الأولوية.
والعكس صحيح بالضرورة، فالنساء أيضاً لا يعرفن كيف يشملن أزواجهن في اهتماماتهن، وربما اعتبر أكثرهن أن ما لديهن توافه بالنسبة للزوج فيبقينها حبيسة المكالمات الهاتفية أو الزيارات العائلية مع الأهل والصديقات.
إنت كنت لا تحبين أن تمضي مع زوجك وقتاً في قراءة الصفحات الرياضية فليس ضرورياً أن تختاري ذلك الوقت تحديداً لتنظيف الكرسي الذي يجلس عليه، انتقي أية صفحة أخرة في الجريدة واقرئي فيها قليلاً! تشاركوا النشاط ولو اختلفت تفاصيله. وأنت لن ينقصك أحد أطرافك ولن يختصر شيء من عمرك إن جلست بجوارها وحاولت أن تفهم سبب حبها للبرنامج الفلاني أو المسلسل الفلاني "على اعتبار إنها بتتفرج على حاجة مفيدة وليها قيمة مش مهند ونور -_-"، بدلاً من تغيير المحطة وأنت تردد "الناس بتموت وإنت بتتفرجيلي على الطبيخ".
للأسف فإن ثقافة الصداقة والمشاركة في الأنشطة واحترام الاهتمامات ليست من مواصفتنا الفُضلى، فالنساء غالباً ما يحكمن على اهتمامات رجالهن وفقاً لمقاييسهن الخاصة والعكس ينطبق، ولا يبذل أي من الطرفين مجهوداً لتحسين الوضع بل يتوقع من الطرف الآخر أن يتقبل الوضع على ما هو عليه وكفى، أو يستمر في ما يفعل دون تفكير في أبعاده التي يتركها على العلاقة في عمرها الطويل.
أكرر ليست الفكرة في أن نتزوج شخصاً مطابقاً لنا في كل اهتماماتنا ورغباتنا، ولكن أن نبذل جهداً حتى نكون موجودين في حيز الآخر، أن نشعره باهتمامنا بما يحدث معه وما يحبه وما يهمه من أمور الحياة، فلا تسألي زوجك عن يومه في العمل إن كان يكره عملاً ويفضل أن ينسى تفاصيله عند العودة للمنزل! تحدثي في أمر يحبه، وأنت إن كنت تعرف من زوجتك ولعاً بالأعمال اليدوية فلا تنتظر حتى تراها جالسة تمارس هوايتها حتى تتذكر بأنك تريد كوباً من الشاي!
إن أهم علاقة صداقة هي صداقتك مع زوجك وصداقتك مع زوجتك.. لأنها صداقة تلازمك نصف سنوات حياتك على الأقل، فإن لم تستطع أن تحافظ على انسجامها ولم تحترم متطلباتها فمن أحق بذلك؟!
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق