بقلم: أحلام مصطفى
يتناول الحديث كثيراً في الفترة الأخيرة النزعة التي انتشرت لرسم صورة معينة عن الذات أو عن الحياة التي نعيشها أمام الناس عبر هذا العالم الافتراضي، وبين الحياة التي نعيشها في الواقع وكم الاختلاف بين هاتين الصورتين، وأثرهما في واقعية وأصالة العلاقات بيننا وبين الآخرين.
أعتقد أن المشكلة الكبرى في هذا الموضوع هي أننا أصبحنا نعتبر وجودنا ونوعه في هذا العالم الافتراضي قيمة تحدد مدى تأثيرنا والحيز الذي نشغله في حياة الآخرين. وكأن جدوى وجود أحدنا باتت تتحدد بمدى ملاحظة الآخرين له ومتابعتهم لما يقول ويفعل، وإشادتهم بآرائه، وأسلوب حياته، حتى أضحينا نشارك الناس بكل شيء بما في ذلك العادات اليومية والأنشطة الطبيعية التي يقدم عليها الجميع!
لا أجد ضرراً في مشاركة مثل هذه التفاصيل مع لائحة أصدقاء أو مع مجموعة من المقربين، ولكن الخطأ الذي ربما نقع فيه في بعض الأحيان هو أن نتعامل مع الكلّ على أنهم مجتمعنا، قد يعتقد البعض أن هذا أمر إيجابي وليس سلبياً.. العالم ينفتح على بعضه والناس تشارك مع بعضها تفاصيل حياتها بعيداً عن قوانين الخصوصية العقيمة والنظم الاجتماعية المقيدة.
وقد تكون هذه الحجة في مكانها لو أننا نتحدث عن كسر للخصوصية فيما يتعلق بقضايا اجتماعية تمس الفرد والأسرة وتؤثر على كفاءة المجتمع ككيان بشري، ولكن ليس عندما نتحدث عن ممارسات ليس لها سوى أن تغذي المشاعر السلبية عند المحرومين من نعم معينة، أو أن تعزز مشاعر الكبر و"الفشخرة" عند آخرين، أو مشاعر الحقد والحسد عند أصحاب الابتلاءت أو صحاب القلوب العليلة.
وقد تكون هذه الحجة في مكانها لو أننا نتحدث عن كسر للخصوصية فيما يتعلق بقضايا اجتماعية تمس الفرد والأسرة وتؤثر على كفاءة المجتمع ككيان بشري، ولكن ليس عندما نتحدث عن ممارسات ليس لها سوى أن تغذي المشاعر السلبية عند المحرومين من نعم معينة، أو أن تعزز مشاعر الكبر و"الفشخرة" عند آخرين، أو مشاعر الحقد والحسد عند أصحاب الابتلاءت أو صحاب القلوب العليلة.
المشكلة هي أننا لا ندرك أبعاد المواقف التي تواجهنا بصورتها الكاملة وإنما نركز فقط على ما يخصنا منها، يعني مثلاً عند التعامل مع فكرة العلنية في التعبير عن كل شيء وأي شيء، فليست الفكرة في تجنب الحسد والعين فقط كما يفكر البعض، ولكنها في الحقيقة مراعاة لأولئك الذين يواجهون مشاكل في حياتهم ذات صلة بما نداوم نحن على التباهي والتفاخر بيه. وليس من قوة الإيمان أن نقول بأن الأعمار والأرزاق بيد الله وكل كل منا أن يرضى بنصيبه، هذا هو المفروض ولكن ليس لكل الناس نفس القدرة على التطبيق، بل ومن الأدب وحسن معاملة الناس أن لا نذكرهم بما يفتقدونه وأن لا نكرس إحساسهم بالنقص بسبب هذا الأمر أو ذاك.
لو قلبنا المواقع ونظرنا إلى أنفسنا وكيف نتعامل نحن مع من يعيد تذكيرنا بمشاكلنا لكثرة ما يتحدث عن روعة هذا الأمر أو ذاك، أو عن توفيقه في هذا الجانب أو ذاك، لتفهمنا أكثر الأثر الذي نتركه نحن في نفوس الآخرين بإقدامنا على نفس الأفعال.
مثل هذه النظرة للأمور وهذا النوع من تحمل المسؤولية اتجاه الآخرين هو الأصل، وهو الطبيعة التي ينبغي أن نربي عليها أبناءنا، "مش: خليهم يتحرقوا، وموتوا بغيظكم". لأننا لو بقينا ندور في نفس الدائرة فلن ننتهي لا إلى سعيد متهني في عيشته، ولا إلى مبتلى راضي ببلوته..
مثل هذه النظرة للأمور وهذا النوع من تحمل المسؤولية اتجاه الآخرين هو الأصل، وهو الطبيعة التي ينبغي أن نربي عليها أبناءنا، "مش: خليهم يتحرقوا، وموتوا بغيظكم". لأننا لو بقينا ندور في نفس الدائرة فلن ننتهي لا إلى سعيد متهني في عيشته، ولا إلى مبتلى راضي ببلوته..
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق